في يوم الاثنين الموافق16 مارس من عام 1981 كان بعض خيرة ضباطنا وأكثرهم وطنية وشجاعة على موعد مع التاريخ بعد أن قادوا محاولة لقلب نظام الجور والظلم الجاثم على رؤوس الموريتانيين كرها في سنوات الجمر والنار التي لا تطاق حيث قرروا تحرير الشعب والوطن من خلال محاولة انقلابية تختلف عن اغلب مثيلاتها في بلد الانقلابات بل وفي شبه المنطقة:
1)-فكانوا أول، وربما آخر، انقلابيين يقررون اختيار رئيس من خارجهم حيث ثبت أن قادة المحاولة كانوا بصدد تعيين الضابط المعروف فياه ولد المعيوف رئيسا للبلاد في حالة فوزهم كدليل على حسن نواياهم وحتى لا تكون هنالك ابسط شبهة في حوافزهم.
2)خططوا لإقامة نظام ديمقراطي وإرجاع الحكم للمدنيين في أقرب الآجال من خلال مرحلة انتقالية قصيرة.
3)- لم يكن منفذو المحاولة معزولين ولا تابعين لجهات خارجية كما حاول نظام ولد هيداله تصويرهم، بل كان وراءهم جناح مدني قوي وعريض مثلته حركة سياسية وأيديولوجية واسعة، مما يعنى أنه لا أبعاد شخصية ولا مصالح ذاتية تحركهم بقدرما يدفعم هم وطن خامرهم حبه منذ نعومة أظافرهم. وهي شهادة تعززها مسيرتهم المهنية وحضورهم على جبهات القتال وخطوط النار بشكل كبير، كما أكدها بعد أكثر من 30 سنة على استشهادهم أحد أبرز قادة (AMD) التحالف من اجل موريتانيا ديمقراطية، محمد عبد الرحمن ولد امين.
4)-وهي فضلا عن كل ذلك محاولة موريتانية بامتياز، فقد ضمت رغم قلة المشاركين فيها جميع فئات وشرائح وجهات الوطن.
ولئن كانت محاولة 16 مارس قد فشلت في قلب النظام وقتها - نتيجة وشاية جعلت الرئيس يهرب إلي مدينة ازويرات في أقصى الشمال - فإنها نجحت في كشف حقيقته وتعرية ممارساته كما مثلت منعطفا حاسما وبداية نهاية حالة اختطاف موريتانيا التي كتب لها النجاح بعد3 سنوات من ذلك.
فشل المحاولة الانقلابية لم يصب منفذيها الأبطال بالإحباط أو يضعف عزائمهم بل واصلوا التعبير عن قناعتهم بالمهمة التي جاؤوا من اجلها غير نادمين على أي مصير ينتظرهم في سبيل موريتانيا، فكان إعلان فشل المحاولة بداية ملحمة بطولية سطرها القادة في مراحل الاعتقال والمحاكمة وبلغت ذروتها في لحظات الإعدام. وقد أجاد السيد ابراهيم فال ولد عيدله وأفاد في شهادته خلال مقابلاته التلفزيونية والإذاعية على رفاقه في السلاح. وتبقى رسالة الأمير أحمد سالم ولد سيدي إلي زوجته الأميرة مانه شهادة خالدة على ما يتميز به من شجاعة ورباطة جأش قل نظيرها .
وقد ثمن عدد من رموز البلاد تلك المحاولة حيث أشاد ابو الأمة المختار ولد داداه بتحرك 16 مارس ووصف دماء شهدائها بأنها دماء زكية طاهرة روت أرض موريتانيا دفاعا عن الشرعية. نفس الموقف عبر عنه مفتي الأمة والرجل الذي لا يخاف في الله لومة لائم بداه ولد البوصيري عندما عزّى عن الشهداء على منبر الجمعة أمام المصلين.