بسم الله الرحمن الرحيم
- لا يمكن أن توجد في هذا العالم المحيط بنا دولة تحترم نفسها إلا و لها لغة أو لغات رسمية هي وسيلة التواصل الأولى مع الآخر ، و هي أداة من أدوات توحيد مكونات تلك الدولة العرقية و غيرها و هي أيضا لغة التعليم و الإدارة و الخطب الرسميــــــــــــــــــة....الخ
- و إذا كانت هذه القاعدة عامة فإن دولتنا تشكل الإستثناء الذي يدعم القاعدة، فنحـــــــــــن في موريتانيا أرض المليون شاعرو أرض المنارة و الرباط و أرض جهابذة علماء اللغة من أمثال المختار ولد بــــون و لمجيدري و بداه ولد البصيري و محمد سالم ولدعدود و غيرهم كثيرون ومع أن دستورنا نص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلد فقد ضربنا عرض الحائط بتاريخنا و بدستورنا فلا تكاد تجد تعميما يصدر عن إدارة من الإدارات حتى المحلية منها إلا و هو مكتوب باللغة الفرنسية التي و إن كانت ترمز لشيئ فإنها ترمز إلى الاستعمار الفرنسي الثقافي و الفكري الذي لا تزال مخلفاته البغيضة تعشعش في أدمغتنا من خلال تقديسنا للغة الفرنسية رغم رحيل مستعمر خرج من بلادنا مكرها لكن قبل خروجه عمل على أن يواصل غزوه الثقافي بكل الوسائل التماحة . أنه من العار أن نستبدل لغة القرآن و لغة أهل الجنة و لغة العرب الذين خرج من أصلابهم سيد هذا الكون صلى الله عليه وسلم الذي روي عنه أنه يحب العربية لثلاث: لأنه عربي و لأن القرآن نزل باللغة العربية و لأن كلام أهل الجنة عربي و مع هذا نجد من أبناء هذا البلدمن يقدم عليها لغة أخرى ليست لنا بها صلة و ليست حتى هي لغة العلم الأكثر استعمالا في العالم مع أن العلم يبقى علما مع كل اللغات.
- فكيف نستسيغ على سبيل المثال لا الحصر أن عمدة كيفه و هو شخص يستحيل أن يكون جاهلا باللغة العربية يصدر تعميما إلى المستشفيات و النقاط الصحية باللغة الفرنسية و لا يجد في نفسه حرجا من ذلك و كأن التعميم موجه من خارج الإدارة الموريتانية أو كـــــــأن محرره عاش في فرنسا ولم يسمع عن اللغة العربية شيئا أو يخاطب من هم كذلك.
- لقد طلب البعض ترجمة هذا التعميم كي يفهم ما فيه فثارت في نفسي من ذلك حمية و ليست حمية الجاهلية وإنما هي حمية للغة الأجداد من العرب و المسلمين وحمية لتاريخ طالما ناضلنا من أجل صيانته و الذود عنه بما نملك.
- إن لغة القرآن تقع اليوم بين مطرقة تتار جدد أشد و أعتى من أسلافهم يستخدمون كل ما لديهم من إمكانات مادية و عسكرية لمحو كل ما له صلة بالإسلام و المسلمين وبين سندان أبناء عقوا و تنكروا لما ضيهم الثقافي و الحضاري بل و جحدوا ما لهذه اللغة الأم من فضل عليهم و على غيرهم من الأمم كما جحد ذلك أعداؤها عند ما نسوا أو تناسوا أن الخوارزمي و ابن سيناء و ابن رشد و الغزالي وجابر بن حيان و القائمة تطول هم من كانوا - من خلال اللغة العربية - رواد الإكتشافات العلمية في مختلف المجالات.
- وقبل أن أنهي لا أستطيع إلا أن أنوه بتلك العادة الحسنة التي دأب عليها رئيس الجمهورية في هذه المسألة حيث التزم بأن يتكلم في كل مناسبة رسمية داخل أو خارج الوطن باللغة العربية و هذا فعل حسن يذكر فيشكر.
- إنني لست من الذين لا يقبلون لغة الآخر و ينفرون منها بل يجب أن نتعلم من اللغات مــــــــا نستطيع و ما ننتفع به و نكف به عنا بأس الآخرين لكن دون أن يكون ذلك على حساب لغاتنا و تاريخنا و فكرنا و حضارتنا وثقافتنا و دستورنا...
- هذا رأيي فإن كان صوابا فمن الله و إن كان خطأ فمني و بالله التوفيق.