منذ بداية المأمورية الثانية للرئيس محمد ولد عبد العزيز بدأ الرجل في نهج سياسة بدت واضحة للخصوم و الأصدقاء على حد سواء.اختار رئيس الوزراء السيد يحي ولد حد امين الذي كان يشغل منصب وزير النقل عدة سنوات و عين خلفا له مدير ديوانه السابق و أحد أهم رموز نظامه السيد أسلك ولد أحمد إزيد بيه , ومن خلال هذين الإجراءين و استنادا إلى بعض المزاعم التي روجت لها أطراف في المعارضة فقد رسم رئيس الجمهورية ملامح المرحلة القادمة.و يأتي التعامل مع إضراب عمال الشركة الوطنية للمناجم (اسنيم) ليدعم التصور الحاصل عن أولويات المرحلة.
يؤكد بعض قادة المعارضة على أن الاهتمام الذي حظي به قطاع الطرق في الآونة الأخيرة سببه و جود استثمارات لها علاقة مباشرة برئيس الجمهورية و أن معظم صفقات التراضي منحت لهذا القطاع. هذا الكلام موثق في جلسات البرلمان السابق و قد تم تداوله بشكل واسع في المراحل السابقة وهو إن صح يمكن قراءة تعيين الرجلين السابقين في ضوئه بأنه حرص من ولد عبد العزيز على أن تبقى ملفات هذا الاستثمار في أيدي (أمينة)أي أن أشياء كثيرة ما تزال تحت الحساب و المرحلة القادمة هي مرحلة تسوية الحسابات التي يجب أن تبقى في إطار ضيق على الأقل حتى تنتهي المأمورية الثانية و التي كان من المفترض أن تكون الأخيرة.
نفس المزاعم المتعلقة بقطاع الطرق طالت الشركة الوطنية للمناجم مؤكدة على إرهاق كاهل عملاق المناجم الوطني بانتهاج سياسات أدت إلى الكثير من الاحتقان الذي أفضى إلى إضراب شل نشاط الشركة في وقت كانت في أشد الحاجة إلى كامل عمالها.و يرى الكثير من المراقبين أن مشكلة العمال تعتبر في كثير من جوانبها متعلقة بسوء العلاقة مع المدير الحالي للشركة و عمدة بلدية (ازويرات)المثير للجدل.
لماذا يحتفظ رئيس الجمهورية بالمدير الحالي ل ( اسنيم) ؟
عرف عن ولد عبد العزيز رفعه لشعار رئيس الفقراء في مرحلة سابقة,فلماذا لا ينحاز للعمال المضربين و يرد إليهم حقوقهم المسلوبة و يعين مديرا جديدا لهذه الشركة التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني بشكل كبير؟ لا يبدو أن هذا القرار سيرى النور إذا علمنا أن رئيس الجمهورية تجاهل هذا الإضراب و اعتبر أن مطالبه غير واقعية و أنه لم يؤثر على إنتاج الشركة , فيما تشير وثائق رسمية تم تسريبها لجريدة الأخبار إنفو إلى أن الإنتاج توقف بنسبة تزيد على السبعين في المائة.
مشكلة العمال المضربين , فيما يبدو , تكمن في حساسية الموقف الذي وضعوا فيه أنفسهم حين أرادوا أن يكونوا أندادا لرجل من رجال المرحلة و رفعوا شعارا انتهت صلاحيته دون أن يشعروا.