لم يحسب الرئيس ربما حساب سخريته من الصحفيين خلال البرنامج التلفزيوني الذي ظهر فيه الأسبوع الماضي. في نفس المقابلة قال الرئيس: إن موريتانيا تضم من الشعراء أكثر بكثير مما تضم من التقنيين. نظر الشعراء إلى كلام الرئيس بأنه شتيمة بينما عده الصحفيين احتقارا. على كل حال لقد طعن الرئيس في أحد أعمدة الشرف اجتماعيا وسياسيا في هذا البلد. وهذه ليست المرة الأولي. وإذا كان الرئيس يصر على مخالفة المألوف عند الحديث عن الصحفيين، وعلى التقليل من دور الشعراء فهو أمر ليس بمستغرب إذا كان الرجل أطاح بنظام شرعي عندما أقيل من منصبه. فهذا النوع من الكلام مألوف لديه مثل ذلك النوع من التصرف. لكن لماذا يقصد الرئيس إلي ما قال ما دام لم يفعل إلا ما اعتاد عليه؟ ولما يقصد إهانة الشعراء ما دام هناك دائما من الشعراء من هو مستعد لتدبيج القصائد في مدحه؟ ولم يتعمد احتقار الصحفيين ما دام يجد من بينهم أو من غيرهم من يكتب فيه ويوصله لمرتبة الألوهية؟ هؤلاء مثلهم مثل الأطر الذين كانوا فيما مضي يساريين ثوريين عاشوا عصر الأيدلوجيا، وتراجعوا بعد منحهم وظائف لا عمل لهم فيها سوي شتم الآخرين، الرفاق القدماء يتملقون الجنرال مع أن بعضهم يستعذب وصفه بــــ"جنرال المكيفات" الذي لم تطأ قدماه ساحة أي معركة اللهم إلا معارك لعب الورق وأذونات الخزينة. يمكن أن نشتم الصحفيين ونقلل من قيمة الشعراء، لكن ما ذا عن من فشل في أداء مهمته العسكرية، قبل أن يفرض نفسه كخبير في كل الأمور؟ وما ذا عن يكذب على شعبه بسراب الجنان في حين أنه اليوم وحده من بإمكانه أن يعيش، وجمهور الشعب يعيش في جحيم سياسته التخبطية؟ وما ذا عن من يتغني بالفضيلة والديمقراطية والحرية، والشباب المتظاهرون وقادة المعارضة محرومون من هذه الحقوق بما فيه حق التظاهر السلمي؟ ما ذا عن من يصطاد الضعاف من المدنيين الأجانب تحت ذريعة محاربة الإرهاب، في حين أنه يرجف خوفا من القاعدة وأخواتها، فهم موجودن قرب فصاله على الحدود دون أن يربكهم شيء؟ يجب أن نتعلم كيف يحترم بعضنا بعضا. العسكري يحترم المدني والمدني يجب أن يبادله المثل. والجميع سيشعر أن لا شيء أفضل من هذا. وعلى الرغم أن لا شيء أسهل من الحديث عن الصحفيين والشعراء، حيث أنهم ليس بإمكانهم إشعال الثورة، لكن لا يجب أن ننسي أن بإمكانهم مواكبتها وتأطيرها. وعذرا للعسكريين، لأنهم لم يجدوا الوقت لأخذ الدروس من عصر الأنوار، لأنهم عاشوا دائما بعيدا عن الأنوار.
احمد ولد بجه
L’authentique N° 1579
ترجمة الصحراء