ظلت الحرية وقتا من الزمن غير قصير’مطلبا وتاجا لكل مخلوق، يدب على وجه الأرض، وهي مقياس لرقي الأمم، وازدهارها، والأسمى من ذلك أنها كانت بندا من بنود الإسلام، وهدفا من أهدافه السامية ’ وعند تأملك عزيزي القارئ، للنظام الكوني كله ترى أنه يسير وفقا لقوانين الحرية، في أبهى تجلياتها، ولكن لكل شيئ حدود’ولولا ذاك لما كان للحرية حدود .
ومن أبسط تعريفات الحرية،أنها ضد الكبت, أنها ملك الإرادة,أنها القدرة على التصرف، أنها القدرة على التعبير, أنها الحق في اتخاذ القرار, .... الخ. وهي منبع خصب لايجف من منابع بحر التنمية الإجتماعية.
إلا أن الحرية وفي عصرنا الحاضر, قد أسيئ استخدامها حتى أضحت وكرا نتِنا للأحكام الدكتاتورية, وركنا متينا تأوي إليه, مبررة بها كل ممارساتها الخاطئة, فكأنها توراتهم اليهودية في مجالهم السياسي، ويحرفونها وفق إرادتهم,ولا أجد لذلك تفسيرا, إلا كون الأحرف الأخيرة من كلمة حرية توافق الأحرف الأخيرة, من كلمة دكتاتورية, وقد يتعذر على المتهجي الفصل بين الكلمتين،فأصبحت مجرد كلمة, يلوكها لسان كل حاكم دون ابتلاعها’ ويمضغها كل داع للسياسة, ثم يتركها ليعيد مضغها مرة ثانية, جاعلا منها شعارا ودعاية لأفكاره غير الثابتة .
وبالأمس القريب قد طالها لسان رئيس الجمهورية بكلام غير منصف,ألا يعلم أن كل شيئ في الوجود يستحق الإنصاف والصدق والعدل؟! قال بأن الشعب الموريتاني يعيش الآن الحرية في أعلى صورها مستدلا على ذلك بأنه ترك لهم الفرصة بل رخص لهم ليكتبوا أناتهم وتأوهاتهم في المواقع الإلكترونية، وهل سمعتم بحاكم يمن على شعبه ببوحه بآلامه النفسية التي كان الحاكم مسببها الاول؟! ولعل هذا يشابه قوله تعالى حاكيا على لسان كليمه عليه السلام في محاجته لفرعون:<< وتلك منة تمنها علي أن عبدت بني إسرائل>> ، هذه في نظره هي الحرية ، ولكني لاأشاطره الرأي، لأن الحرية أشمل من ذلك وأعم، ولا تكون وليدة لحاجة ،ولاقهر، ولاإلحاح، فهي إرادة صادقة، لاتخشى رقيبا، ولايدفعها دافع، هي حصول الإنسان على كافة حقوقه السياسية ،والإقتصادية، والإجتماعية, ثم يكتب بعد ذلك ليرفه عن نفسه , أو ليضخم من زلة حاكم بسيطة،أو يتفرغ المجتمع لينتج فكراإنسانيا كما وقع في المجتمع اليوناني حينما توفرت له الحرية وكافة حاجياته الإنسانية فانتج الفلسفة اليونانية.
أما أن يحرك الظلم كوامن المظلوم، فيعبر عن حرارة تلك الحرقة التي بين جوانحه،بأي طريقة مهما كانت فهذه عندي ليست حرية، لأنه أثير والإثارة تولد الإستجابة و تحرك العمل اللاشرطي والمظلوم لايعي ما يقول. فهي إذا دافع ذاتي ليس له سبب خارجي، فليس المُطالب بحقه، أوالرافع لظلمه حرا، بل ذاك مضطهد فهل الإضطهاد هو الحرية أو يرقى لمطاولة كعبها؟!!!.
يرب ولد عبد الرحمن