من المسلمات المتفق على صحتها أن البنيان لا يقوم إلا على أساس صلب و أن فاقد الشيئ لا يعطيه. إنطلاقا من هاتين المسلمتين نستطيع القول بأن تكوين جيل صالح لبناء هذا الوطن يمر حتما عن طريق الحصول على مكونين ذوي خبرة و مهارة باستطاعتهم اكساب الطالب المعارف الصحيحة و الطرق الكفيلة بتطبيقها على أرض الواقع. إن الحصول على الإصلاح المنشود في مجال التعليم يتطلب دون شك وجود معلمين صالحين و مسلحين بالمعارف و المهارات اللازمة لأداء هذه المهمة النبيلة. فالمعلم كما يجب أن يكون هو ذلك الشخص عالية الهمة ، حسن الأخلاق ، طيب المعاشرة ، العطوف ، الحنون ، الآخذ من كل علم بطرف.
فهو إذن أصل و غيره فرع ،فالمعلم مطلع على العلوم الشرعية في أساسياتها، و ملم بالعلوم الإنسانية بشتى فنونها و مجالاتها كما أن له دراية بالعلوم الرياضية و الطبيعية و ببعض اللغات الأخرى هذا كله كي يحمل صفة المعلم و إلا فهو أستاذ أو دكتور متخصص في مجال معين. و هنا لا بد أن أذكر أولئك الذين يمتعضون و يشعرون بالدونية و الانتقاص عندما يقال لأحدهم أيها المعلم بأن هذا الوصف لا يمكن أن يكون إلا صفة علو و رفعة في جبين كل من يوصف به كيف لا و هو وصف وصف به رسول الله صلى الله عليه و سلم نفسه حين قال: << إنما بعثت معلما>> فمـــــــن يستطيع بعد ذلك أن لا يرضى لنفسه ما رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه و رضيه لنا معشر المسلمين حينما ذكر أن الدنيا ملعونة و ملعون ما فيها إلا عالما أو متعلما أو معينا لهما فالمعلم مشتق من العلم و التعلم. إن على القائمين على مهمة التعليم أن يجعلوا من الإصلاح الحقيقي لهذا القطاع هدفا أسمى يسعون إلى تحقيقه ببذل كل الجهود الممكنة. و من تلك الجهود اختيار من لهم الكفاءة على تأدية الواجب التعليمي كما يجب أن يؤدى ، و جعل أولئك المختارين في ظروف مادية و معنوية تمكنهم من التفرغ لمهتهم تلك.
كما أنه من تلك الجهود أن تعكف الجهات المسؤولة على تكوين من سبق اختيارهم حتى تجعل لهم في المستوى المطلوب. و الأهم من ذلك أن يشعر المعلم نفسه بنبل المسؤولية الموكلة إليه و بوجوب أدائها شرعا بكل إخلاص و تفان و بأنها أشرف المهن إذ هي مهمة الرسل ، فإذا حصل ذلك كله و تضافرت الجهود المخلصة من الجميع فإن الإصلاح المنشود للتعليم لن يكون إلا سهل المنال.
فكما يقال: من جد وجد و من زع حصد.
محمد محمود ولد العتيق