في البداية علينا أن نترحم على أخينا المصطفى ولد محمد السالك الذي عرفت فيه رجلا مؤمنا، ورعا، وطنيا، وخلوقا.
حين قرر ضباط الجيش الوطني القيام بانقلاب 10 يوليو 1978، فضلت النأي بنفسي عن ذلك، خوفا مما قد يحدث من أمور يمكن أن أسأل عنها بين يدي الله تعالى؛ لكنهم اختاروني ضمن أعضاء اللجنة العسكرية ولم أقف ضد ذلك التوجه الذي كانت تمليه ضرورة وقف سفك دماء الموريتانيين؛ وخاصة الجنود الذين كنا مسؤولين عنهم كضباط سامين.
وقد نجح ما أراده الإخوة الضباط على أحسن وجه، حيث لم يتسبب الانقلاب في سقوط أية قطرة دم، والحمد لله؛ وتبين أن ما قاموا به كان مفيدا ولم يكن يمكن القيام بأفضل مما فعلوا حينها؛ والفضل في ذلك يعود، في المقام الأول، للمرحوم المصطفى ولد محمد السالك الذي أدار الأمور بحكمة وشجاعة وروية.
الحقيقة أن انقلاب 10 يوليو كان خيارا لا مناص منه لإنهاء الوضع الكارثي السائد، حينها، في موريتانيا. فالبلاد كانت تواجه حربا طاحنة أنهكت اقتصادها الهش وشلت مسيرتها التنموية الوليدة، وهددت وجودها ككيان.
لقد قاد المصطفى ذلك التغيير بطريقة مسؤولة لم تقص أحدا. وتم اختياره من طرف رفاقه ضباط القوات المسلحة الوطنية، ولم يكن يسعى للسلطة، لكن نداء الواجب الوطني دعاه فلبى بأحسن ما تكون التلبية. وكان حريصا على التخلص من كرسي الرئاسة في أقرب فرصة.
لكن كما هو معروف، الصراعات والخلافات غالبا ما تحول بين المرء وما يريد؛ خاصة عندما يكون بصدد تحقيق أهداف وطنية نبيلة كبرى. وهكذا اختار المصطفى أن يتنحى، حرصا منه؛ في اعتقادي؛ على البقاء مرتاح الضمير.
ولعل واجب الحقيقة يجعلني أؤكد، اليوم، أن هذا الفقيد الفذ، الذي نستذكره اليوم، ظل ـ على مدى سنوات طوال ـ يعاملني شخصيا، من زاوية تقدير تمتاز عن تلك التي كان يعامل بها بقية زملائي من الضباط..
لقد كان رجلا تقيا، وضابطا نزيها، ورئيسا جديرا بكل الاحترام.. تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقلام