إن مفهوم الوطنية مستمد من كلمة الوطن فالشخص المتفاني في خدمة الوطن والمخلص له ، والمدافع عن الوحدة الوطنية هو الإنسان الذي يستحق لقب مواطن ’ وعندما نفكر في نيل شرف هذا للقب علينا الاستعداد لمواجهة كل التشكيلات المنافية لهذا الغرض من قبلية أو جهوية أو طائفية وذلك من أجل المحافظة علي الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي .
علينا أن نخشى خشيتنا من النار من الانقسام الديني والطائفي والقبلي وخطره علي الوحدة الشاملة والسلم الاجتماعي مما يهدد بقاءنا كدولة ذات سيادة رسَم حدودها المستعمر الفرنسي قبل الاستقلال وانطلاقا من حبنا لبلدنا ، وولائنا لأرضنا التي نعيش عليها لابد من أن نعزز من انتمائنا واتحادنا وارتباطنا بهذه الأرض الطاهرة وأن نحترم العقد الاجتماعي بيننا والنظام السياسي للبلد ، في إطار من المسؤولية المشتركة لنسهل قيام كل منا بواجبه وأن نبتعد عن النزعات المدمرة والتكتلات الطائفية ..... فالسلطة التي تمثل النظام القائم تعتبر احدي الركائز الأساسية لنا كدولة ذات سيادة وهي المخولة أن تربط بين مكونات هذا الشعب كما يجب عليها احترام حقوق المواطن في التعبير عن رأيه مع احترام القوانين والنظم المعمول بها والتي هي الأخرى إحدى الركائز الأساسية للدولة .
كما يجب أن تتجسد سلطة الحكم في إطار حكومة ديمقراطية تمكن كل منا ممارسة العمل السياسي و التفاعل الإيجابي بين جميع مكونات هذا الشعب الأعزل .
لذلك فكل مواطن مخلص عليه التحرك وبكل سرعة ممكنة لإيقاف هذا السيل الجارف من سماسرة يسمون أنفسهم شيوخ القبائل ’ يمتهنون التسول ومغالطة السلطة وتضليلها عبر إقهامها أنهم يمتلكون قلوب هذا الشعب والشعب منهم براء.هذه الزمرة صادرت حقوق المواطنين وحالت بينهم مع التفاعل مع المسار الديمقراطي كما احتكرت الأراضي عن الفلاحين ومنعتهم من استقلالها مما تسبب في ظهور حركات أخري وجدت فرصتها في مقارعة هذا الطغيان والاستبداد ..... لتشكل هي الأخرى خطرا إضافيا علي تماسك هذا الشعب الحديث العهد بالدولة والسلطة المركزية.
وانطلاقا من هذه المعطيات وغيرها مما ينذر بخطر تدمير الوحدة الوطنية وظهور حركات ضيقة علينا الإسراع بالتحرك ومنع التشكيلات الغير شرعية من مزاولة نشاطها التخريبي وفي طلعتها القبيلة.
هذا الكيان البدائي يعمل ليلا نهارا للسيطرة علي الدولة الحديثة والهيمنة علي مقدرات السلطة ويمارس السيادة التامة متجاوزا بشكل فاضح دستور البلاد والقوانين المعمول بها.
وإذا كانت الحاجة تبرر الوسيلة للاتصال بالمواطنين واكتساب ولائهم يمكن أن يكن ذلك عن طريق حركة تجمع أبناء هذا المجتمع وتعمل علي إدماج كافة طوائفه في بوتقة واحدة وتعزيز الثقة بين مكونات هذه الأمة التي يوحدها الدين والمصلحة العامة والمصير المشترك.
فالخطاب القبلي والشعرات ذات الصلة تأجج النعرة الطائفية والعرقية وتشكّل عناصر تفرقة أكثر منها روابط اجتماعية ولذلك يقول المثل (ينتفسلك بعمود لليما ينتفسلك بافقود) ولهذه الاعتبارات منع المواطنون من التمتع بمزايا الديمقراطية وتم تكبيل الإرادة السياسية الفاعلة والمستقلة والتشويش علي الاختيار السياسي و الحياة المشتركة.
ومن الجدير بالذكر أنَّ الدستور الموريتاني يحرم تحريما باتا التشكيلات المبنية علي أساس عرقي أو جنسي فكيف بنا ؟ونحن نري القبائل تسرح وتمرح وكأنها تتمتع بأحكام ذاتية أو دويلات داخل الدولة ! !!
مما يستوجب الأسئلة التالية هل الانتماء بالدرجة الأولى للدولة أو للقبيلة أو للطائفة أو العرق أو الجنس وهل الدولة تستثني القبائل من وجوب الامتثال للقوانين بما فذلك الدستور. ؟ ونرجو أن لا تكون إجابتي: هي غياب الإرادة أو عدم الرغبة في خلق شعب فاعل قادر على الدفاع عن حقوقه ومصالحه في وجه الإرادة والمصالح الأجنبية.
كما أرجو أن لا يرى أحد السعي للتضييق علي الحريات وخاصة حرية التعبير والتجمع... فرغبتنا لمزيد من الحرية والمساواة وإشراك المرأة وإنصاف الطبقات المهشمة لا تبرر ارتكاب أخطاء قاتلة تضرب في صميم الوحدة الوطنية وتهدد الانسجام الاجتماعي وتقوض السلم الأهلي. ولذلك علينا رفض التساهل مع استمرار مثل هذا النمط من التشكيلات الضيقة قبلية كانت أو عرقية أو جهوية .
ومن واجبنا أن نبين أن الخطاب الضيق شوّه الحقوق المشروعة لأصحابها وخلق حالة من الضعف والتشرذم، حدت من إمكانية تبنيه من طرف الجميع لذا فهو يستدعي المحاسبة وإصلاح الأخطاء، كما علينا ان ندرك أن العلاج ليس في التضييق علي الحريات ولا التنكيل بالأشخاص وإنما بتنظيم التجمعات والتشكيلات بصفة شرعية والإلزام الجميع باحترام القانون. والعمل علي تضييق الهوّة بين الحاكم والمحكوم وعدم ترك المجال لوسطاء أيا كانوا مل الشعب امتهانهم واحتقارهم واحتكارهم لأراضه وامتصاص مقدراته وتهمشه وحرمانه من المشاركة الفعلية في ما تتحه الديمقراطية وحتى منعه من التعايش السلمي بين مكوناته .
هذه المخاطر تحتم علينا أن نصبح جنودا لحماية الديمقراطية وتعزيز الوحدة الوطنية وإرساء نظام الحكم الذي ينبثق عن إرادة شعبية فاعلة تحاسبه إذا أخطأ وتعطيه مناعة أمام الضغوطات الخارجية وتجعل منه نظاما قويا راسخة أقدامه كامل السيادة قادر علي تأمين مصالح الشعب وتحقيق أمانيه.
لذا أوجه نداءا عاجلا للدفاع عن وحدة شعبنا ومحاصرة أعدائه من قبليين وطائفيين وإذا كان لابد من تشكله خاصة يسند لها الدور الاجتماعي الذي كانت تتطلع بيه القبيلة يجب اختيار هذه التشكيلة علي أساس قانوني :
أولا الإعلان عن هذه التشكيلة ومعرفة الأشخاص الضامنين لها وظرف المكان والزمان المحدد ين لأنعقادها.
ثانيا وضع نظام أساسي يحدد الغرض من هذه التشكيلة والتداول علي زعامتها واختيار القائمين عليها علي أساس الصدق والنزاهة الفكرية والوفاء بالعهد والمصداقية التي تسمح بالتعامل معهم كوجهاء أو شخصيات اعتبارية يحسب لها ألف حساب .
ثالثا إلزام هذه الشخصيات بخطاب وحدوي يزيل العقبات في وجه الوحدة الوطنية للبلد أكانت هذه العقبات طائفية أو قبلية أو عرقية، ويقضي على التناقض بين الولاء الوطني للدولة والولاء الخصوصي للمجموعة.
رابعا إلزام هؤلاء باحترام القانون ومحاربة الفساد، والحرص علي التنمية البشرية وان يعملوا علي تفجير الطاقات الإبداعية في كلِّ إنسان في داخل مجتمعاتهم بدلا من تهميشه وقمعه والتآمرعليه .
وللتنبيه أنا لا أري فائدة من تشكيلات قبلية ضيقة أكل عليها الدهر وشرب ! لا تتسع لجميع مكونات هذا الشعب الحديث العهد بالدولة و إن كان لابد من تنظيم هذه المجموعات والاستفادة منها يجب على الأقل ان نحترم القانون .
ويجب علينا أن لا نعطل عقلنا المتمثل في مثقفينا ونبتعد عن الانقسام ولنتوجه إلي الاتحاد فازدهار الأمم لا يقرّره شكل الحكم لوحده بل نوعية الإنسان الذي يصنعه.
فالوطن بحاجة لأبنائه متوحدين من أجل مصلحه و ينبغي أن نتقاسم التجربة لنجد الميكانيزمات التي تليق بخصوصيات كل منا حتى نصل إلى الهدف المتمثل في التكامل والتشارك في خيرات البلد ووظائفه السامية سواء كانت انتخابية أو إدارية .
علينا التحرك والاتصالات بجميع الناشطين في المجال السياسي والجمعوي ودق البيوت و مكاتب الأحزاب، ونحاول الوصول ما أمكن إلى جميع الناشطين من خلال تنظيم ندوات وحلقات تحسيسية، ونشارك في البرامج الإذاعية و النقاشات الفردية والجماعية .. من أجل اقناع الجميع بضرورة المحافظة علي هذا البلد .
أيضا علينا أن لا نخاف من بعضنا فالتاريخ شاهد علي سلمية مجتمعنا وانفتاحه لذا فلنقوي الصلة بيننا وننمي الطموح لدي جميع مكونات شعبنا في المشاركة والنضال السلمي والسعي لتحقيق المكاسب مع احترام الأخر وأرائه واقتراحاته فالوطن كحضن الأم يتسع لجميع الأولاد حتى ولو تعددوا ’ وان ندرك أن احترام الدستور الموريتاني والذي يعتبر العقد الشرعي بين الحاكم والمحكوم يشكل مطلبا رئيسيا .
“هذا الدستور القائل موريتانيا جمهورية إسلامية لا تتجزأ، ديمقراطية واجتماعية. تضمن الجمهورية لكافة المواطنين المساواة أمام القانون دون تمييز في الأصل والعرق أو الجنس والمكانة الاجتماعية. يعاقب القانون كل دعاية إقليمية ذات طابع عنصري أو عرقي ( الدستور الموريتاني.) وينبغي استئصال كل العقليات المعيقة بما في ذكاك الاسترقاق – الطبقية بكافة أشكالها التمييز ضد المرأة والعمل علي ترسيخ أساليب مدنية وحقوقية من اجل القضاء علي رموز الطبقات الرجعية التقليدية التي تجاوزها الزمن وباتت تفرق بعد أن كانت تجمع وهي الآن من أكبر معوقات التنمية والديمقراطية ’ وتمنع الانسجام والتوافق بين جميع مكونات هذا الشعب وكذلك القوي الأخرى التي تعودت المتاجرة بمعانات هذا الشعب الأبي لتفسد الوئام الاجتماعي من خلال محاولات النيل من قيم ومرجعية المجتمع الموريتاني العربي الإفريقي الإسلامي ’ لذا لا يمكننا التفرج والانشغال بالصراعات القبلية والعرقية و البقاء مكتوفي الأيدي، لابد من العمل و التفكير في وضع إستراتيجية لتجاوز هذا التحدي و العمل علي بناء دولة القانون والمؤسسات والحكم الرشيد . والتصدي لجميع المحاولات، الخبيثة للعبث بوحدة وانسجام المجتمع الموريتاني كأمة تحاول انتزاع موقعها عبر مصاف الأمم .
فنحن غير مستعدين لدفع ثمن انتشار ثقافة " القبلية والنعرات الضيقة والتحالفات والتكتلات خارج مفهوم الوطن والمواطنة . لذلك لا بد من التصدي لهذه الصراعات والانقسامات و; النظرة المشاكل المطروحة برؤية وطنية رشيدة تعتمد علي قول الشاعر( بلاد وإن جارت علي فهي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي فهم كرام )و أن نمد جسور المودة والتفاهم والعمل علي تحرير الأراضي وانتزاعها من مغتصبيها وتمكين الفلاحين من الولوج لملكيتها .
كما علينا العمل علي الحد من التفاوت الطبقي و الاقتصادي في المجتمع.