أدى التطور العالمي في المجال الإلكتروني وانتشار الوسائط الالكترونية المتعددة وشبكات التواصل الاجتماعي ، إلى تعزيز التواصل الحضارى والثقافى ودعم فرص التفاهم الانسانى وفتح جسور للتواصل بين الشعوب، وهو التطور الذي واكبه ظهور الجريمة بمختلف أشكالها منظمة ،كانت،أو فردية ، جاعلة الأمن الاقتصادي والسلم الاجتماعي في العالم يواجهة أنماطا جديدة من الجريمة الذكية المعولمة يقف وراءها نشطاء ، إما من الجواسيس الذين يتسللون داخل أنظمة الدول أو الهيئات أو البنوك أو الأفراد لانتهاك حرمات الله أو الامن أو الخصوصية ، وإما من الإباحيين الذين يريدون عرض بضاعتهم المشبوهة من صور و موضوعات مثيرة على الشبكة أو من أصحاب العقائد الهدامة أو الأفكار المنحرفة. هذه الوضعية كانت موضوع ملتقى دوليا نظمه مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات بجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، تحت عنوان: "الإرهاب الإلكتروني خطره وطرق مكافحته"،شاركت فيه ببحث تحت عنوان:"الوسائط الإلكترونية المتعددة والإرهاب"،انطلقت فيه من ظهور مجموعة مستحدثة من جرائم الإرهاب عبر شبكة الانترنت التي باتت تهدد الاستقرار الأمني للمجتمعات، وقد انتشرت هذه الجرائم بسرعة مذهلة لم تستطع معها التشريعات مواجهتها أو تحجيمها،
وبالتالي طرحت الإشكالية التالية: لماذا اتجهت الجماعات الإرهابية إلى الوسائط الإلكترونية المتعددة ووسائل التواصل الاجتماعي ؟ وما هو الحد الفاصل بين حاجيات المجتمع من شبكة الإنترنت ومختلف الاستعمالات السائدة اليوم؟ وبما أن أي دراسة علمية،ترتكز في أهميتها على حيوية الموضوع الذي تتناوله والمنهج المستخدم والنتائج التي تنتهي إليها،فإن أهمية هذا البحث تكمن في كونه حاول أن يستطلع كيف تحولت شبكة الإنترنت إلى فضاء للإرهاب والتطرف أكثر منها فضاء مجتمعي ، والسؤال المركزي الذي قمت بالبحث في فرضياته هو هل-حقا-انزلقت شبكة الإنترنت عن سياقها ومدلولها الاجتماعي لتكون وسيلة لما أصبح يعرف بالإرهاب الالكتروني؟ وللإجابة على تلك الإشكالات وغيرها،اعتمدت منهجية علمية تطرقت لشبكة الإنترنت وعلاقتها بالرأي العام والإرهاب والمجتمع والدعاية والإشهار ،وتعامل وسائل الإعلام مع الخطاب الإرهابي ،كما تطرقت للانترنت كمصدر للتمويل والتجنيد،وخلُصنا في المحور الأخير إلى أن النظام الإلكتروني بصفة عامة يعتبر عميلا مزدوجا. وفي الخاتمة اعتبرت أن العلاقة بين الإرهاب ووسائط التواصل الالكترونية المتعددة والرأي العام ، يمكن فهمها من خلال قيمة التواصل بوصفها قيمة ثقافية وفكرية إنسانية ثابتة، لأن توغل فكر الإرهاب من خلال النظام الإلكتروني العالمي ،
ومحاولة غلبته على قيم الإنترنت،تأكيد على أن الإشكال القائم يعود في الأصل إلى غياب الحوار والتواصل،مع أن كل خصائص المشهد السياسي الآن تتمثل في صعود التطرف الديني .