تذكرت مفاضلة ربيعة بن ثابت بين اليزيدين بقوله
لشتان ما بين اليزيدين في الندى ***** يزيد سليم والأغر بن حاتم
فهم الفتى الأزدي إتلاف ماله ******وهم الفتى القيسي جمع الدراهم
تذكرت هذه المفاضلة وأنا منهمك في قراءة نبأين يشتركان في الإثارة ويختلفان في المقصود والمضمون ؛الأول يحكي أن عددا من النواب في البرلمان الإيطالي يعلنون عن هبتهم لرواتبهما التي يحصلون عليها بمقتضى عضويتهم في البرلمان ؛لرغبتهم في العمل دون مقابل ؛ فهم لا يريدون التكسب وتحقيق الامتيازات ؛وإنما يؤثرون على ذالك مواساة فقراء جمهورهم ؛ إلا أن البرلمان والحكومة أبلغا النواب المتبرعين أن القانون لا يسمح بذالك.
بالمقابل في موريتانيا أعلن نائب في صحراميديا أنه وعدد من النواب يطالبون رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز بالتدخل لإقرار زيادة في رواتبهم . الحدثان وقعا في العام الماضي . وقر في قلبي بعد هذا أن الإيطاليين يشعرون بالحرج وثقل المسؤولية الملقاة على كاهلهم ؛و يستيقنون أن الجمهور لا ينظر إلى أصولهم أو أحزابهم ؛ بقدر ما ينظر إلى أفعالهم ؛و التفاعل مع أحوالهم .
أما البرلمانيين في وطننا الحبيب ؛وخاصة في ولاية لعصابه ؛ فيستسهلون المسؤولية غالبا بعد إعلان نجاحهم ؛ ويدوسونها تحت أقدامهم ؛ ويزعمون أن جمهورهم لا ينظر إلى أفعالهم ؛ وطموحاتهم ؛وإنما إلى أحزابهم القاهرة ؛و سلالاتهم النقية وهم كذالك؛ وأموالهم الضائعة في الحملة .
فرأيت من الجسارة مطالبتهم ببذل جزء ولو يسير من ما يحصدونه طيلة مأموريتهم جزاء ؛وفاقا لمزاجهم الذي يسري فيه الاستعلاء؛ لكني مع ذالك وجدت فيهم من الازدراء بالمواطن والاستخفاف به ؛ ما يندى له الجبين ؛ فالمواطن لا يريد منهم شراء حفارة ، ولا سيارة إسعاف لثرا جنازة ؛ ولا أن يتطوع برلماني بعلاج مريض ؛ ولا أن يدعم ناديا ثقافيا ؛فهذه أمور تحتاج إلى البذل والإنفاق ؛ وهي عند أصحابنا في نهاية سلم الأولويات ؛ وقد تسقط منه ؛على الأقل في ما مضى من مأموريتهم .
لكن الذي يريد منهم المواطن ليس إلا أضعف الإيمان ؛وذالك ببذل بعض الجاه ؛ في إعلام موجه ؛ وعند سلطات غاشمة؛ وصناع قرار؛ تسكنهم الغفلة عن ولاية لعصابه ؛ وهيآت خيرية منهوبة؛لعل هذا الجاه أن ينور لنا الرأي العام ؛ ويسلط لنا الأضواء على معانات الولاية ؛ كأزمة العطش ؛ ووطأة الجفاف ؛ وكوارث نفوق الحيوان ؛ وفضح المفسدين الذين يتاجرون بكل شيئ حتى مياه المدينة .
و أن يعينوا بجاههم المظلوم حتى ينال حقه ؛ ويواسوا المريض حتى يجد علاجه ؛ ويشرعوا في فتح مكاتب جهوية تلاطف الضعيف .
نكتب هذه السطور ونحن في حسرة وأسف ؛ حين يختفي ممثل الحزب الحاكم في البرلمان لولاية لعصابه عن هموم ولايته ومشاكلها ؛ حتى الدعائية منها ؛ كحملة النظافة التي شنفت آذاننا ؛ وأهملت شوارعنا .
ونحن في حيرة وخجل من غياب ممثل الوئام عن المشهد الجهوي؛ وحتى الوطني الذي يعني حزبه . فشهادة وفاتهما السياسية في مكان عزهما حاضرة؛ وهذا حكم يصدق على ما مضى من مأموريتهما؛ والأمور بخواتيمها.
أما تواصل فلا تسأل عنه ؛ فقد وضع لنا مولودا ؛ استهل صارخا بالسقيا في أيام الصيف ؛ودخل في غيبوبة بعد ذالك ؛ فالتبس على القابلة صراخ الطلق واستهلال المولود ؛ فترددت في إصدار شهادة الحياة له ؛ ولعل نداءه في وكالة كيفه بتاريخ 31-10-2014 يشفع في وجوده . هدى الله نوابنا فمهمما قيل عنهم فهم خيارنا.
غالي بن الصغير