هذا سؤال وجيه طرحه بعض الرفاق أثناء توجهنا إلى مسابقة الرماية التي أقيمت مؤخرا في ولاية الحوض الغربي أثناء موسم الخريف ، حيث كانت قطعان الحمير عائقا حقيقيا على طول طريق الأمل ، فلا تستطيع أن تقطع واديا ولا أن تواصل سيرا حتى تقطع عليك الطريق جحافل من الحمير السائبة ، الأمر الذي تسبب في كثير من الحوادث وتعطيل المسافرين على هذه الطريق المباركة .
لكننا نحن حاولنا أن نجعل من هذه الظاهرة السيئة مادة شيقة وموضوعا حيويا استمر النقاش حوله بعض الوقت ، وكان النقاش هادفا ولكنه لا يخلو من الطرافة وأحيانا تتخلله بعض النكت الفقهية والتعبيرات البلاغية كالمشبه والمشبه به وبعض أوجه الشبه بينهما . ومن التساؤلات الفقهية التي طرحت أثناء النقاش :
هل يجوز امتلاك هذه الحمير التي لا يميز بينها لون ولا يعرف لها مالك ؟
وإذا كان امتلاكها مباحا فهل يجوز بيعها بعد تحصيل الحيازة لها ، أم أنه لا بد في ذلك من
استصدار رخصة من الدولة ، أو أن الأمر لا يحتاج إلى ذلك كله نظرا لقلة فائدة هذه الحمير ؟ كما طرح البعض تساؤلات وقدم مبررات تبيح صيد هذه الحمير نظرا لعلة التوحوش ، وبعضهم قدم مبررات لقتلها دفاعا عن النفس لأنها أصبحت بمثابة الحيوانات المفترسة .
وبعد كثير من الأخذ والرد ، والنقاش الذي يطبعه الجد ، توصل الجميع إلى أنه لا سبيل إلى استفادة الموريتانيين من حميرهم التي خرجت عن السيطرة ، إلا بتدويل قضيتها في هذه المرحلة ، ولا يتم ذلك إلا بإفساح الطريق أمام هذه الحمير كلها ، لتعيث فسادا في طول البلاد وعرضها ، من غير أن يعكر صفوها أو أن يعترض أحد سبيلها .. علنا بذلك ننجح في تقديم بلادنا كأكبر محمية للحمير في العالم ، لأننا قد فشلنا في استقطاب العالم بطيور حوض آركين والوديعة الجميلة ، فلعلنا ننجح في استقطابه بقطعان الحمير المزعجة القبيحة...
(" الزارعون بأرض البور غلتهم @ سيندمون وغير البور ما حصدوا ") ومما يساعد على تدويل قضية الحمير في بلادنا ، أن هيئات حقوق الحيوان اليوم ، عندما ترى الحمار الموريتاني يتبختر في الطرقات ، وعربته تجرها سيارة ثلاثية العجلات ، سوف تكون هذه الهيئات الحقوقية إلى جانبنا ، وسوف تروج لمحميتنا وتدافع عن قضيتنا .. اللهم إلا أن ترى في هذه العربات الآلية وجراراتها الميكانيكية ، إهانة للحمار حيث قد تذكره بماضيه الحزين ، أو أن تصبح تلك العربات ملكا للحمير وحدهم دون دون غيرهم ، من باب التمييز الإيجابي ، بل الأفضل أن يعطل كل شيء يذكر الحمار بعربته بما في ذلك بعض الألقاب الإعرابية كالجار والمجرور مثلا ، بل لا بد أن يغير اسم هذا الحمار حتى يقتنع هو أنه ليس حمارا ، وإنما هو فرس أو جمل ، وفي هذه الحالة لا بد من سن قوانين تحمي الحمار من اسمه ، بتغريم كل من يتلفظ بكلمة الحمار ، علنا بذلك ننجح في إنشاء المحمية الفاضلة ، لقطعان ( الإبل الحمير) ( أو الحمير الإبل ) . لكن إذا قررنا تحريم لفظة ( الحمار ) فهل نستطيع قراءة الآيات القرآنية التي جعلت من هذا اللفظ رمزا للمنكر والغباء ؟
وإذا قررنا للغرامة مبلغا معينا ألا نخشى أن تصبح الغرامة أكبر من قيمة الحمار؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟