لقد ترددت كثيرا قبل ان أدون هذه السطور خوفا أن يظن ظلما أنها لغاية غير التي أريد٠ ولكن بعد صراع مع نفسي توكلت وعزمت ان أبين الحقيقة وأن أشرح الواقع الذي آلت اليه سفارتنا في باريس ٠ كنت دائما من أولئك القلائل ممن اعرفهم الذين يؤمنون أن الفساد وإن استشرى يمكن استئصاله٠ كان واقع سفارتنا وقنصليتنا في غالبه فساد ومحسوبية وعنصرية مستشرية ضد من يتهمون بها يراها ويعيشها كل من يزورهما في تلك الحقبة٠ تعاقب الكثيرمن السفراء والدبلوماسين ولكن بقي الحال على حاله ربما ليس لعدم رغبة أولئك في التغيير ولكن لخبث أصحابه ممن يدارون عليه ويخفونه ويتظاهرون بعكس مايبطنون٠ كانت القنصلية والسفارة مسرحا لتزوير الاورق الإدارية والتلاعب بها بشكل فاضح فيكفي أن تملك دراهم معدودة حتى تحصل على شهادة ميلاد موريتانية وربما جنسية وجواز سفر حتى وان كنت لاتعرف موقع موريتانيا على الخريطة فمن لايعرف أولئك السماسرة ممن أصبحت اخبارهم تتداولها السنة الليبيريين والغانيين والإفواريين ناهيك عن السنغاليين والماليين ممن استطاعوا الحصول على اوراق موريتانيه زورا٠ مما سهل لهم الحصول علي إقامات دائمة في فرنسا أو الجنسية الفرنسية في آحايين كثيرة علي أنهم لاجئون موريتانيون.
كما كانت الرسوم التي يتم دفعها مقابل استخراج الأوراق المدنية والحصول على التآشر تذهب الي جيوب أولئك الرهط المعروفين ناهيك عن استخدام السيارات التابعة للسفارة والقنصلية في نقل البضائع والاشخاص كما أن الطوابع التابعة للقنصلية كانت تتجول في جيوب بعض موظفيها المعروفين حتي يتم استخدامها عند الحاجة لإعطاء اوراق ثبوتية لزبون دفع ثمنها .*كما لم تكن ميزانية السفارة تخضع لأي منظومة حسابية معروفة بل كانت تكلف الدولة أموالا طائلة سنويا لا يعرف فيما صرفت. الناظر لهذا الوضع لا يخيل إليه أنه يمكن تصويبه في يوم من الأيام إلا أن حقبة أحد السفراء رغم مايأخذ عليه تعتبر من أكثر الحقب شفافية في تاريخ السفارة بإعتراف خصومه قبل أصحابه. وهو الذي قطع دابر الفساد في القنصلية بعد ضمها إلي السفارة و فرض دفع رسوم التآشر ببطاقات الإتمان بدل دفعها نقدا مما جعل ميزانية السفارة خاضعة للتدقيق والمراقبة و سد الباب علي الفساد و النهب الذي كانت جيوب البعض متعودة عليه. لقد شهدت حقبته الكثيرمن المد و الجزر ولكن كانت حقبة عصيبة علي تلك المافيات التي تعودت ا لعيش من الفساد والرشوة ونهب المال العام لقد استطاع ان يفرض مسطرة عمل علي العاملين والمتعاونين في السفارة من اجل دفعهم الي الالتزام بالعمل ومراعات الشفافية وكانت ميزانية السفارة في هذه الحقبة قد حققت شبه اكتفاء ذات وهو ما شهدبه السيد رئيس الجمهورية في لقائه الشهير مع الصحافة الوطنية في انواذيبو. لقد كان وجوده حجر عثرة في وجه الكثير ممن كانو يقتاتون من الفساد وقد كانو ممن شجعو كثيرا لمتطرفين من بعض المنظمات الموريتانية العاملة في باريس علي التضييق عليه بالتظاهر واحتلال السفارة في آحايين كثيرة واتهامه بالعنصرية بل و التعبيرعن ذالك في مقالات نشرت في مواقع معروفة. استمر ذالك الضغض حتي كان ما كان من الأحداث المؤلمة التي تم فيها الاعتداء علي السفارة و تكسير جميع مكاتبها في يوم مشهود مما سرع ذهابه فهل فعلا سفارتنا رهينة لمافيات ولوبيات من الفساد تقف في وجه كل من يحاول الإصلاح. ورغم أن مشروع الحالة المدنية والذي يعتبر من أكبر الانجازات في سبيل التإسيس لموريتانيا الحديثة قد قطع الطريق أمام تزوير الأوراق الإدارية إلا أن ذهابه شكل فرصة من اجل رجوع هؤلاء الي الواجهة بعد سنوات غياب فعادت حليمة لعادتها القديمة وكانت جملة من القرارت التي إتخذها السفير الجديد تنفيذا لأوامر عليا حسب مايقال مثارا للكثير من التساؤل"الفصل التعسفي لبعض الموظفين وتفريغ بعضهم". إن هذا الواقع يدفع للتسائل هل أصبحت سفارتنا مسرحا لتصفية الحسابات وحلبة للصراع؟ بين طوائف و إديولوجيات؟ حتي ولو كان ذالك علي حساب الإصلاح و محاربة الفساد؟.