أثار الاجتماع الثاني لما يطلق على نفسه(أهل الدشره) بمدينة كيفه الكثير من التفسيرات والتـأويلات نظرا لما يضم في مؤسسيه من أطراف وفاعلين معروفين في مقدمتهم العمدة الحالي ونائب مفوض الأمن الغذائي ووزير داخلية سابق , وكان الأمر الأكثر إثارة في هذه التظاهرة حجم الانتقاد والتذمر اللذين صدرا ضمن مداخلات بعض نشطاء هذا الحراك ممن لم يصدر على ألسنتهم من قبل غير كيل المديح والثناء على السلطات الحاكمة مهما بلغ مستوى الخدمات من ترد.
فهل يعني خلو هذا التجمع من الأوجه القبلية المعروفة التي شكلت أقطاب العمل السياسي في السابق التوجه لخلق قطب جديد أم محاولة تجاوز الأحلاف القبلية القائمة وخلق أطر بديلة لها؟
وهل تؤشر حدة الخطاب التي طبعت مداخلات البعض أن زمن ترويض سكان كيفه قد ولى وأن حجم انعدام الخدمات والمستوى المعيش فاقا التحمل وأن المدينة مقدمة على حراكات شعبية استجابة لدعوة عدد من المتخلين؟
قد يتفاجأ البعض من الحجم الطاغي لحي القديمة في هذا الاجتماع ، فقد ابتلع هؤلاء مرارة الإقصاء في كل الاستحقاقات الماضية رغم حيويتهم وحجمهم الانتخابي الذي ذاب في خضم الشحن القبلي الذي رافق الانتخابات الماضية ، وبعد الانتهاء من تحديد المسؤوليات أفاقوا على مرارة خروجهم من اللعبة لدرجة عدم حصولهم على أدنى مسؤولية ضمن المجلس البلدي فضلا عن المقاعد النيابية وعدم قدرتهم على التوحد خلف قيادات تفرض تمثيلها في مسؤوليات الدولة وهو ما جعل حراكا شبابيا اليوم يلقي باللائمة على طبقة الكهول والدعوة للعب دور نشط يطرح مشاكل السكان الملحة في الماء والكهرباء والصحة والتعليم والتشغيل ضمن إطار منظم يحاولون اليوم بلورته في تجمع "أهل الدشره" وهو أول تجمع شبه منظم تصطف فيه هذه المجموعة بعيدا عن إطار القبيلة الذي ظل الموجه والمحدد لكل تشكيلاتها السابقة.
الجديد في هذا التجمع خروجه عن المألوف في الخطاب، فقد دأب المتدخلون في هذه المدينة وفي كل المناسبات والتجمعات على إخراج الرئيس والحزب الحاكم من دائرة النقد بالتنصيص اللفظي ، وهو ما تجاوز العديد من أعضاء هذا التجمع حرجه والخروج بخطاب نقدي لاذع يصف ما تعانيه هذه المدينة من إهمال وسوء في الخدمات وإقصاء من الوظائف مفندين بذلك كل الدعايات التي تطلقها الحكومة وأعضاؤها في زياراتهم بتصوير الأمور على أحسن حال.
ويستخلص من وقائع هذا الاجتماع أننا أمام بواكير عهد جديد ربما يحيي في نفوس سكان مدينة كيفه سنوات التحرر وحمل مشعل التقدم الذي انبرت شبيبة هذه المدينة لتصدره وعانت في سبيله ،لكنها بالمقابل قطفت ثماره في خلق وعي مجتمعي و انسجام تام بين مكوناتها قل مثله في بقية المدن ، مما جعلها محصنة أمام دعاة الفرقة والعنصرية ،كما فرضوا تربعها علي قائمة المدن من حيث الأهمية في استقطاب المشاريع والبرامج الجهوية لكن تلك صورة بدأت في التلاشي فهل سينجح هذا التجمع في صقلها من جديد؟
وكالة كيفه للأنباء