أقع في الجنوب الموريتاني؛ بمحاذاة نهر السنغال؛ أبعد عن العاصمة نواكشوط قرابة 460 كلم، أتميز بخصوبة الأراضي وكثرة الأعشاب مما جعلني الوجهة الأولى للمنمين الوطنيين؛ فصرت بذلك أحتضن الكم الهائل من الأبقار والأغنام والإبل والخيل والحمير .. القادمة من مختلف مناطق الوطن.
ولقد اشتق اسمي من كلمة كيدم ماغ أو "كدية الكوري" كما يزعم البعض، واشتق اسم مقاطعتيَ على التوالي سيليبابي من إسم ولد أعل بابي بيظاني وولد ينج مقاطعتي الثانية التي لازالت تحمل الإسم الذي سميت به دون اشتقاق أو تحريف وهو حرطاني.
تبين هذه الاشتقاقات وهذا التقاسم في المسميات الدلالة العميقة لتقاسم الأدوار والتعاون والرضا بالتقسيم والتشاركية بعيدا عن التفرقة ودعاوي العنصرية ولإِن كنت قد أفردت مسميات شرائحية فما ذاك مني بمباركة ولا بتزكية وإنما توضيحا للتسمية وتبيينا لمتانة اللحمة الوطنية التي تعد عماد انسجام الهوية، ولم أجد الفرق بين هذه التسميات؛ لأن المحبة والتآخي والسلم الأهلي والهم المشترك والتعلق بالانتماء؛ هي السمات البارزة لكل مخلوق عاش على أرضي أو تنفس هواءها وإن كان عابرا أو شرب من مائها؛ حتى الحيوانات التي كتب لها المرور على أرضي غرست بها سمات التآخي والتحابب؛ فصارت تعشق أرضي وتحن إلى حيواناتها وإلى الوقوف معها على روافد المياه والتجوال معا في مرابعي الخصبة؛ حتى خِلتني مصطفاة من طرف خالق الكون بهذه الخصائص والمميزات التي ينعم بها على أرضي الحيوان بعد الإنسان.
إلا أن تعدد السعاة خلف المصالح الضيقة وتكاثر المسكونين بحب الحصاد السياسي وإن خبث؛ جعلني اليوم أشكي وجعا لما غرز أحد أبنائي اللذين كنت أنتظر برورهم ومواصلة ودي وصيانة عهدي خنجره المسموم بخاصرتي حين طالب واهيا بانفصالي عن إخوتي وعزلي عن أمي؛ حارقا مشاعري بإشعار مقصده سياسي ومبلغ مطلبه أن يعد بين الساسة في بلد السياسة فيه محض خساسة .... أبشر بخيبة المسعى مادمت تسير مقتفيا أثر الأفعى.