ظلت شبكة مياه مدينة كيفه ، ضعيفة وضيقة ،وقد عرف السكان بهذه المدينة إنقطاع الماء مرات عديدة كان أشدها ما وقع سنة 2009 ، قبل أن تشهد وضعيته تحسنا كبيرا في نهاية سنة 2010 ، وطيلة 2011، وهو ما جعل السكان يظنون أن مشكلة المياه بالنسبة لهم قد تم التغلب عليها ، إلا أن حلول منتصف هذا الشهر قد بدد ذلك الإعتقاد ودشنت المدينة مرحلة من العطش ،أنست الجميع لما حدث سنة 2009 ، ويبدو أنها ستطول .
لقد توقف الآن تدفق المياه في أغلب أحياء المدينة ، وضعف انسيابه إلى حد كبير في الأحياء التي مازالت تحظى بالقليل منه واقتصر ذلك على المناطق ذات الأرضية المنخفضة والقريبة من الأنابيب الرئيسية.
وقد بلغ العطش قمته وعاد الأهالي إلى استعمال مياه الآبار القديمة وهي التي أصبح جلها غير مؤهل ، وأما مياهها ففي الغالب مالحة ، كما تبعث الكثير من المخاوف حول سلامتها . وقد قفز سعر برميل هذه المياه التي يبيعها أصحاب العربات إلى 500 أوقية .
هذه الوضعية سببت صدمة كبيرة للمواطنين وأفزعتهم مما يخبئه المستقبل وصاروا يتظلمون ويحتجون لأكثر من جهة ، حيث تستقبل مكاتب الشركة لليوم العشرات من المتضررين من العطش وكذلك يستقبل الوالي وحاكم المقاطعة وعمدة المدينة مثل ذلك.
وكالة كيفه للأنباء تحدثت زوال اليوم إلى السيد عبد الله ولد أوفى رئيس مركز شركة المياه بكيفه وسألته عن أسباب هذا العطش الذي جاء دفعة واحدة وعن الإجراءات والتدابير التي أخذتها الشركة لتدارك الموقف وحل المشكل .
وفي رده ذكر السيد رئيس المركز بأن شبكة مياه كيفه لم يكن مصدرها أصلا يعود إلى بحيرة مائية ، بل إنها تعتمد على مياه الأمطار والأودية ( لمسيله ) وهو ما يجعل مياه آبار الشركة يزداد وينقص تبعا لتلك المصادر ، الشيء الذي سبب شحا كبيرا في مياه آبارنا – يقول الرئيس – نظرا لقلة الإمطار في الخريف الماضي وبالتالي ظلت الأودية يابسة. وأضاف أن عوامل التضاريس وسوء حفر الأنابيب الذي يقوم به بعض المقاولين يسهم إلى حد كبير في توقف الماء عن الكثيرين.
وشدد على أنه لا توجد أعطاب بمولدات الشبكة أو آبارها وأن أسباب الأزمة الحاصلة في المياه تعود إلى ما سبق بالإضافة إلى توقف الصهريج الوحيد الذي تمتلكه الشركة عن العمل
بسبب تلف بإحدى قطع الغيار .
وشرح ذلك فيما يلي :
تتزود شبكة مياه كيفه من 5 آبار تراجع احتياط الماء بها خلال هذا الشهر على النحو التالي :
البئر رقم1 ؛ كان ينتج 21 متر مكعب يوميا وقد تراجع إلى 13 متر مكعب
البئر رقم 2 ؛ كان ينتج 12 متر مكعب وقد تراجع إلى 5 متر مكعب
البئر رقم 3 ؛ كان ينتج 6 متر مكعب وقد تراجع إلى 4 متر مكعب
رقم 4 ؛ كان ينتج 15 متر مكعب وقد تراجع إلى 12 متر مكعب
البئر رقم 5 وهو البئر الذي كان يزود الصهريج المتنقل وقد نضب بشكل كامل !
وكخلاصة ؛ فإن آبار الشبكة قد تراجع منسوب الماء فيها من 1700 متر مكعب لليوم إلى أقل من 1000 متر مكعب لليوم وهو تراجع خطير لابد أن يؤثر على تدفق المياه عبر الشبكة بشكل كبير وهو ما يحدث الآن يقول رئيس الشركة.
الحلول :
في هذا الشق قال رئيس المركز بأن مؤسسته ليست لديها حلول دائمة ونهائية ، وقال أنه طرح المشكلة التي تعاني منها المدينة على الوالي ، وأن هذا الأخير تحدث مع وزير المياه وأخبر كافة الجهات المعنية وأنهم الآن يريدون إصلاح الصهريج المتعطل و الحصول على الوسائل والتجهيزات التي تمكنهم من تشغيل بئرين آخرين سبق حفرهما وأن ربطهما بالشبكة ربما يحل المشكلة أو يخفف من وطأتها إ إذا لم تكن مياه البئرين المذكورين من نفس مصدر الآبار الأخرى ، ففي هذه الحالة – التي لا يتمناها رئيس الشركة – لن تكون لهما أية فائدة !!
وفي ختام اللقاء أشار إلى الجهود التي بذلوها بالتعاون مع البلدية لتشغيل حافلات تحمل المياه وتبيعها داخل المدينة ولم يخف رئيس الشركة إنزعاجه من المشكل وقلة الخيارات المتاحة أمامه.
بذلك تكون مدينة كيفه على موعد مع أيام حرجة بسبب العطش ربما تكون لها نتائج خطيرة لم تحسن الجهات المعنية تقديرها ، وهو الأمر الذي يؤكد فشل المشاريع الارتجالية وأنصاف الحلول ، فكيف تسمح دولة محترمة بترك مصير مدينة بحجم كيفه مرتبطا بآبار ينقص ماؤها ويزيد بالمطر.!
لا يمكن أن يكون ذلك التصرف أقل من ارتكاب خيانة عظمى ، فالسكان بكيفه قد فقدوا طرق وشروط السقاية التقليدية ؛ لأنهم اعتقدوا أنهم وجدوا بديلا عصريا ، وهو البديل الذي ربما استيقظوا يوما وقد اختفى تماما ، ويومئذ تحدث المأساة !!