وطأة التهميش في صياغة حاضر ومستقبل الدولة تنساب إلى وجدان أبناء ولاية لعصابه ؛ وهي الولاية التي أقترحها الرئيس المخطار ول داداه رحمه الله تعالى وبعض الساسة المعاصرين كمسعود ول بالخير أن تكون عاصمة للبلد؛ وذالك لموقعها الاستراتيجي وكثافة سكانها .
فلأول مرة تغيب الأحلاف المؤثرة في ولاية لعصابه عن تشكيل الحكومة ؛ وهي بالمناسبة حكومة ولاء بامتياز؛ كانت الخبرة فيها والكفاءة محجوبة ؛ ويندر في ثناياها شخصيات محورية كمولاي محمد لقظف وول انيني المنصرفان عنها ؛ وظلت تسبح في مألوف الزمرة الضيقة .
ومع نبذ الجل للمحاصة و الجهوية والقبلية ؛إلا أنها وللأسف واقع معاش وسلوك متبع لدى النظام في تشكيل الحكومة ؛ فأصبح معارضو الفكرة في الولاية قبل مناصريها يترخصون بالمطالبة بها؛لأنها صارت من إكراه الواقع عندهم ؛ (ومن لم يجد ماء صعيدا تيمما). و هم لا يرون في تعيين إزيد بيه في حقيبة الحكومة شفاء غليل؛ ولا يرون فيه سوى طالع سعد للإصلاحيين على خصومهم في مقاطعة كرو ؛ وبلسما لجراح إقالات أطرهم في الماضي ليس إلا .
وحاصل التهميش في الولاية من طرف صانع القرار السياسي له أسباب عدة :
1ـ منها صراع الأحلاف؛ الذي وصل تطاحنه إلى وسائل الإعلام علانية ؛ وكان رصاصة رحمة على هيبة ذويه ، ومن خلفهم الولاية ؛ ومعينا صادقا يساعد على جفاء هاماتهم ؛فكم سمعنا من صخب يزعم ويلمز بأن ) حلفه وحده تمسك بالحزب فحقق مكاسب مهمة بعد أن هجره الأقربون في ساحة سياسية ملتهبة ومعقدة ( وكم شاهدنا من انتفض عليه من الأقربين حين يقولون )حاول بكل الوسائل إسقاط لائحة حزب الإتحاد من أجل الجمهورية ( فأما الأبعدون المشار إليهم فقد أطنبوا في رد عريض عنونوه بتساؤل صادم) من سعى في إفشال حزب الإتحاد في كيفه ؟( . حتى أن هؤلاء الأحلاف أخفقوا في وفد مشترك يستقبل الرئيس في زيارته الأخيرة.
فهذا الصراع هول من تصدع جدار البيت الواحد؛ ومن تضخيم تنافر أحلافه ؛وزاد ذروت سقفه الإقصاء والسحق السياسي لدى البعض؛ وغفلته عن العمل السياسي الحضاري؛ الذي يخدم الغرض العام للولاية ؛ويذلل الصعاب ويزيل بنيات الطريق من أجل غاية أسمى ؛ لرص الصفوف ؛ وإذابة عارض المنفعة الضيقة التي تمنعه من المناصرة ؛ والحوائج الخاصة في سبيل غايات كبرى.
2ـ و كانت كثرة الأحلاف سببا ثانيا فقد كان زمام القرار السياسي للولاية ينحصر أساسا بين حلفين مما يسهل استرضاءه بأقل ثمن سياسي لكن انبثاق حلف جديد باسم الوئام زاد التكلفة السياسية.
3ـ وبروز الإصلاحيين كقوة وازنة في مركز الولاية كان سببا ثالثا يزيد العبء ويجعله ثقيلا على أحلاف الحزب الحاكم.
هذا التنافر والتجاذب خيم على ماضي الولاية السياسي والتنموي ، وحتى حاضرها إلا أن آلامه في الماضي كان يخففها جرعة مشاركتهم في صياغة المشهد السياسي:
ـ فهل تعلم أن أجود المدارس وأرقاها في مدينة كيفه مبنية من عهد المستعمر ؟
ـ وأكبر مستوصف فيها مبني من عهد الرئيس المخطار ول داداه ؟
ـ و أضخم المشاريع التنموية في الولاية من نشأة الدولة و حتى الآن نقطة مائية ومحطة
كهربائية لا يغطيان حتى حوائج نصف سكان المدينة.
ـ فأما المشاريع العلمية تجاوزتها إلى ولاية لعيون .
ـ والمشاريع المائية العملاقة حازتها ولاية النعمة .
ـ ولأولوية في الزراعة لأهالي الضفة .
ـ والصناعة والمعادن أستحوذ عليها الشمال الموريتاني .
فما ذا بقي إلا الفتات من الوظائف : يسترضى بها كل شيخ أو وجيه أو فاعل سياسي حتى ينكفئ على نفسه ويخرس لسانه عن الشأن العام للولاية . 4ـ والسبب الرابع يزيد جرأة النظام على الولاية ما يعرفه عن هؤلاء الأحلاف ؛ فهم لا يريدون من تنمية الولاية إلا قدر ما ينفخ جيوبهم ؛إلا من رحم ربي وقليل ما هم .
و لعل أ روع مثل يعبر عن كثير منهم؛ ذالك الأعرابي الذي سأله أحدهم قائلا : أتريد أن تصلب في سبيل مصلحة الأمة. فقال :لا ؛ ولكني أحب أن تصلب ألأمة في مصلحتي. و يبقى التساؤل مطروحا من يحمل وزر تهميش ألولاية أهم الحكام العسكريون المتعاقبون ؟ أم أنهم الأحلاف المحلية ؟ أم هما معا ؟.