فاجأ رئيس المجلس الدستوري اسغير ولد امبارك مستمعيه اليوم، حين انتهز فرصة خطاب تنصيبه لرئيس الجمهورية لتوجيه ما يبدو أنه رسالة قوية للرئيس عزيز وبنبرة لا تخلو من الحدة، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت العلاقات بين الرجلين في طريقها لأن تأخذ منحى جديدا. فبعد أن تحدث ولد امبارك عن انتهاء "المعركة الانتخابية بما لها وما عليها"، لفت انتباه الرئيس عزيز –في إشارة لافتة- إلى أن الشعب الموريتاني "أصبح أكثر طموحا وأشد الحاحا وأثقل تكليفا للسلطة التنفيذية التي يختارها" مضيفا أنه " تحررت إرادته في بناء مؤسساته على أقوى الاسس وتحررت طموحاته في بلوغ اقوى المؤشرات التنموية وهو يستحضر نماذج هنا وهناك وله الحق في ذلك لما يمتلك من تنوع في الانسان والموقع والثروة".
كما اعتبر الرئيس ولد امبارك من جهة أخرى أنه يتعين تعميق الاصلاحات الدستورية "وتطويرها ضمانا للم الشمل وتقليصا للهوة بين مختلف المشارب والرؤى السياسية". وفيما يلي نص خطاب التنصيب الذي ألقاه رئيس المجلس الدستوري اليوم: "لا يسعني في مستهل هذه الكلمة الا ان اعبر عن ما أشعر به من الزهو والاعتزاز بمستوى الوعي والتعاطي الذي ابداه الشعب الموريتاني في هذه الانتخابات، والمسؤولية التي بينها والجدارة بالممارسة الديموقراطية كشعب متحضر، يسن دستورا لتنظيم حياته الديموقراطية ثم يعمل بمقتضى اجراءاته ويحترم آجاله، وهذا ما كرسه الشعب الموريتاني سواء من حيث التعبئة او من حيث السلوك ولا غرو فشعبنا قد خبر الديموقراطية وظل يطور فيها أداءه ويسد الثغرات ويدخل التحسينات تلو التحسينات، كما مارس الاقتراع في ظروف متفاوتة لكنه كان في كل مرة يضيف تعديلا ويدخل علاجا ناجعا الى ان اكتمل صرح الشفافية والمصداقية عبر جملة من التعديلات الدستورية رفعت سقف الضمانات وعالجت جملة الاختلالات التي أرقت الفاعلين السياسيين.
ولقد كان لهذه الاصلاحات الدستورية بالفعل الاثر الايجابي في تطوير الممارسة الديموقراطية وتعزيز السلم الاجتماعي ويتعين تعميقها وتطويرها ضمانا للم الشمل وتقليصا للهوة بين مختلف المشارب والرؤى السياسية وذودا عن المرتكزات الاساسية للقضايا الكبرى للامة. وإن أجل وأعظم تلك المرتكزات صيانة المقدسات الدينية والثوابت الوطنية وتعزيز الوحدة والتلاحم الاجتماعي وتحقيق العدل والمساواة وصيانة وتطوير ما تحقق من مكاسب في مجال الحريات العامة والفردية ولن يتأتى ذلك الا من خلال ارادة واعية ومتبصرة ومؤسسات دستورية فاعلة وممكنا لها بحيث تكون قادرة على اداء مهامهاالنبيلة المسندة اليها على أكمل وجه. السيد الرئيس، السادة الرؤساء أيها السادة والسيدات،
ان المعركة الانتخابية بما لها وما عليها قد وضعت اوزارها وانقشع غبارها وكما اسلفت فان المنتصر الاوحد هو الشعب الموريتاني فهنيئا لك يا شعبنا شعب المثل والقيم الخالدة. الا أنني أشير هنا الى ان هذا الشعب أصبح أكثر طموحا وأشد الحاحا وأثقل تكليفا للسلطة التنفيذية التي يختارها فلقد تحررت ارادته في بناء مؤسساته على أقوى الاسس وتحررت طموحاته في بلوغ اقوى المؤشرات التنموية وهو يستحضر نماذج هنا وهناك وله الحق في ذلك لما يمتلك من تنوع في الانسان والموقع والثروة وان مستقبله لزاهر باذن الله تأسيسا على حاضره الواعد وتاريخه المجيد.
السيد الرئيس، السادة الرؤساء أيها السادة والسيدات، ها نحن بفضل الله وتوفيقه نصل الى المرحلة النهائية من الاستحقاقات الرئاسية 2014، المتمثلة في تأدية المترشح الذي حاز على اغلبية الشعب الموريتاني، اليمين أمام المجلس الدستوري وذلك بعد أن اجتزنا بنجاح المرحلتين الاوليين اللتين اختتمت اولاهما باعلان اللائحة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية بتاريخ 14 مايو 2014، كما توجت ثانيتهما بالاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية بتاريخ 29 يوليو 2014، وهذه النتائج التي اسفرت عن انتخابكم رئيسا للجمهورية الاسلامية الموريتانية لمأمورية ثانية مدتها خمس سنوات وذلك بحصولكم على الاغلبية المطلقة من الاصوات المعبر عنها.
وفي الاخير فانه بالامس القريب قال هذا الشعب كلمته الفصل التي لا معقب عليها وأهنئكم يا سيادة الرئيس على تلك الثقة الغالية التي منحكم، وها هو كتابنا اليوم في المجلس الدستوري ينطق بالحق فيأمركم بعد أن أديتم اليمين الدستورية وطبقا للمادة 29 من الدستور بمزاولة مهامكم لمأموريتكم الثانية الجديدة بوصفكم رئيسا للجمهورية الاسلامية الموريتانية، راجين من الله العلي القدير أن يلهمكم التوفيق والسداد في مهامكم للبلاد والعباد. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".
أقلام