بعد استقبال الرئيس محمد ولد عبد العزيز اليوم للدكتور مصطفى أبو شاقور وتصريح هذا الأخير بعيد اللقاء بأنهم ينتظرون تسليم السنوسي لمحاكمته على جرائمه المقترفة في ليبيا، وكلامه الديبلوماسي بأن الرئيس "وعد خيرا" في الموضوع دخلت مسألة السنوسي المعتقل في موريتانيا منذ ثلاثة أيام مرحلة جديدة.
إذ يخشى المراقبون أن يستغل محمد ولد عبد العزيز تعدد طلبات التسليم التي جاءت من فرنسا والسعودية وجاءت من ليبيا بشكل رسمي وحازم وجاءت من دول أخرى على شكل رغبات في استجواب صندوق أسرار القذافي ليرفض طلب ليبيا أو يؤجل الرد عليه بصورة واضحة، متذرعا بتدهور صحة ضيفه المزعج وبالضغوط الخارجية من كل الجهات التي بدأت تتكثف... فبالإضافة إلى طلبات التسليم المعلنة كثيرا ومن ضمنها طلب الجنائية الدولية تجري مياه كثيرة تحت الجسور، ويبدو أن المغرب ما يزال على الخط وقد كان من هندس القضية وسهل الإيقاع بالسنوسي وأبلغ الموريتانيين أنه قادم إليهم، وزودهم بصور محينة له ولنجله وربما يكون من أوعز إلى جهات موريتانية ذات صلة بالمغرب بأن تدفع السنوسي إلى الرحيل نحو موريتانيا وتعده بالمساعدة والضيافة وبتأمين منفى صحراوي آمن بعيدا عن الأضواء في إحدى واحات النخيل المتناثرة في أماكن قصية من الصحراء الموريتانية... كذلك تتحرك دول إفريقية من بينها جنوب إفريقيا لتشجيع ولد عبد العزيز على عدم تسليم السنوسي... ولا يخفي التشاديون والسودانيون اهتمامهم بما لدى السنوسي من أسرار أثرت على مدى نصف قرن في مجريات الأحداث في بلادهم...
والخشية متنامية داخل الطيف السياسي الموريتاني الموالي لولد عبد العزيز فلدى الرجل بعض الأسرار المزعجة التي لا يرغب أصحابها في أن تحصل عليها أطراف غير مؤتمنة... وطبعا لدى السنوسي معلومات كثيرة عن فرقاء الثورة الليبية فمنهم من تعاون معه في فترات سابقة بصورة مباشرة أو غير مباشرة ولديه معلومات عن صفقات سلاح وعن تمويل حملات وعن علاقات مستورة بين أجهزة أمنية مختلفة عبر العالم وعن دعم انقلابات وحركات تمرد. باختصار الكل بمن فيهم محمد ولد عبد العزيز يخشون ما لدى الرجل من معلومات والكل يرغبون في إسكاته أو التحكم فيما يبوح به وهذه هي المفارقة.
لقد دخل محمد ولد عبد العزيز على الخط أو أدخل عليه أو أقحم ليكون جزءا من المشكلة أولا وعليه أن يحاولن أن يكون جزءا من الحل.. والحل في هذه القضايا لا تمكن برمجته أو تفصيله على مقاسات معينة وصفقات التراضي مستحيلة لتعدد المنافسين والمهتمين وحساسية الموضوع.
وقد تدفع كل هذه الأمور وغيرها محمد ولد عبد العزيز إلى عدم التجاوب مع الطلب الليبي، وإذا سارت الأمور في هذا الاتجاه لا يتوقع أن تسكت ليبيا، بل قد تعتبر الكيل طفح فهي بدأت تتجاوز بصعوبة مواقف موريتانيا الغامضة إزاء تصفية النظام السابق، ولكنها قد لا تتفهم منعها من تسلم السنوسي ومحاكمته في ليبيا عن جرائم اقترفها هناك ضحاياها بالآلاف واصحاب الحق الشرعي والوطني فيها ينتظرون تحقيق العدالة. إن موضوع السنوسي إذا لم يسير بحكمة وعقلنة قد يعصف بالعلاقات الموريتانية الليبية، بل أخشى أن يقضي بصورة فوقية على جانبها الديبلوماسي والرسمي، لذلك أعود فأقول إن المخرج المنطقي هو أن تحتفظ موريتانيا مؤقتا بهديتها المغربية المفخخة المتمثلة في السنوسي لفترة نقاهة ومساءلة تشرك ليبيا في قدر من تسييرها وتتعهد لها بتسليمه لها في نهاية المطاف.
يجب أن تضع القيادة الموريتانية نصب أعينها أنما يعني موريتانيا هو مصالحها الخاصة ومستقبل علاقاتها مع ليبيا، أما مصالح الآخرين وهواجسهم فلديهم آلياتهم للدفاع عنها والحرب بالوكالة مرفوضة هذه المرة.
يعقوب ولد سلام/ الراي المستنير