قبل سنة كان مركز الحالة المدنية بمدينة كيفه محل إقبال كبير من لدن المواطنين وكان هذا المكان من أكثر مرافق الدولة حيوية ونشاطا ، حيث يستقبل عشرات الأشخاص يوميا فينجزون أوراقهم المدنية بطريقة سلسة وكان الموظفون والعمال بهذا المرفق بعدد كاف يمكن من تلبية حاجيات المواطنين. غير أن تأخر رواتب هؤلاء العمال وتردي أوضاعهم أرغمت بعضهم للمغادرة والبحث عن عمل أخر ثم قام المشرفون على الإحصاء الجديد الذي اتخذ دار الكتاب مقرا ، بسحب ما تبقى منهم بمن فيهم البواب والكناس وكذلك "مواعين الشاي" لتصبح دار الحالة المدنية القديمة مكانا للقمامة ومرتعا لدواجن المدينة .
وعند الوكر الموحش هذا يتكدس المواطنون في ساعات الصباح الأولى طلبا لأغراضهم من الأوراق فلا يجدون من يزودهم بالأخبار، قبل الزوال ، حيث يدخل العامل الوحيد الذي تم استجلابه من إحدى البلديات الريفية و الذي يجب عليه أن يحل محل مؤسسة كاملة ويلبي طلبات المئات و بواسطة خط يده ، وهو ما يعجزه طبعا، فتضيع حقوق المواطنون وتعطل مصالحهم ويخسرون وقتهم وهم الذين لا يريدون أكثر من نسخة من ميلا أو وفاة أو زواج فتضطر غالبيتهم إلى تلمس الحلول من بعض أقربائهم في نواكشوط.
جميع حواسيب هذا المرفق الهام أصبحت بيوتا للعنكبوت بعد أن تعطلت جميعها عن العمل وحيدت على إحدى الطاولات الخشبية في ركن بأحد البيوت.
المواطنون هنا مندهشون من هذا الوضع الخطير وهم في حيرة مما آل إليه هذا القطاع الوثيق الصلة بحياتهم ورغم ذلك فإن السلطات العمومية هنا لا تقدم تفسيرا لما صارت إليه هذه المصلحة الجهوية ولا يقلقها أن تبيت هذه الدار التي تحوي أهم الوثائق المدنية منذ قيام الدولة بدون حارس !؟