مقاطعة الميناء بكتلتها الناخبة المتمردة علي الأنظمة المتعاقبة ، بقيت وفية لخط المعارضة طوال المسار الانتخابي ، فلم يحسب فيها انتصار لغير المعارضة ، حتي في أحلك أيام حكم نظام ولد الطايع ، فهزمته غصبا عنه في كل الاستحقاقات رغم التزوير والتهديد ، والآن وبشكل مفاجئ تنحني أمام الاستحقاقات الحالية وتصطف عكس عادتها إلي جانب مرشح النظام رغم منافسته من قبل المرشحين بيرام وبيجل اللذان ينتميان لشريحة (لحراطين ) التي تحتضن المقاطعة أكبر تجمع لها من بين جميع مقاطعات أنواكشوط ، مما شكل مفاجأة لكل المراقبين .
إذا فما العوامل التي طرأت علي معادلة الفاعلين السياسيين حتى تتبدل ولاءات الناخبين لهذا الحد؟
وما الباعث علي هذا الحماس الكبير من أجل التصويت الذي عكسته أكبر نسبة مشاركة مسجلة من بين جميع مقاطعات أنوا كشوط؟
لا شك أن الباحث عن العوامل التي أدت لهذا الانقلاب الانتخابي إن صح التعبير سيجد نفسه مندهشا لحجم هذا التغير نظرا لعدة أسباب .
- فمقاطعة الميناء كانت تحسب إلي وقت قريب إلي جانب حزب التحالف الشعبي وقد منحته الفوز قبل أشهر فقط في الانتخابات البلدية وبفارق كبير مع حزب الإتحاد من أجل الجمهورية قبل أن يقرر الحزب الانخراط في "مقاطعة نشطة" للانتخابات علي غرار بقية مكونات " المنتدي" . *لم نسمع عن انسحابات لشخصيات وازنة نحو النظام حتى يحسب لها هذا التبدل.
*علي الرغم من أن الكتلة الناخبة في الميناء موزعة بشكل شبه تام بين شريحتي "لحراطين" و "الزنوج" لكنها لم تعبأ بالتصويت للمرشحين المنتمين لهذه الشريحة.
لكن بالمقابل يمكن رصد انجازات ووقائع علي الميدان ستبدد الدهشة و الإستغراب مما حصل:
فالنظام قد عمد علي تحقيق بعض الإنجازات التي ساعدت البسطاء في تدبر أمورهم اليومية وإن كانت المعارضة تعتبرها تافهة ومهينة ربما بسبب عدم اطلاعهم علي غبطة الفقراء بدكاكين التضامن ونقاط بيع السمك التي حافظ النظام علي استمراريتهم خلال كل مأموريته السابقة بالإضافة لتوزيع القطع الأرضية، وهو ما ساعد اليوم في قفز أغلب هؤلاء الناخبين عن خندق المعارضة.
دعم شخصية وازنة بحجم المفوض السابق لمنظمة استثمار نهر السينغال محمد سالم ولد مرزوق وانخراطه بكل وزنه وإمكانياته في العمل الجماهيري لحد طرقه شخصيا مع عناصر مبادرته بيوت ساكنة الميناء بيتا بيتا لا شك أنه ساعد في خلق الصورة التي تجسدت بعد الانتخابات، فالرجل يملك علاقات واسعة واحتراما في أوساط ساكنة الميناء .
كما أن مقاطعة المعارضة للإنتخابات رفعت الحرج عن الناخبين في البحث عن خيار جديد فأغلب المقترعين لا يؤمن بسياسة إنتظار المقعد الشاغر(المقاطعة).