لم يكن مستغربا أن يصب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية جام عذيطته الديماغوجية على المعارضة وعلى زعيمها المستقطب لاهتمام الجماهير في عموم البلاد.. فلهذا أنشئ الحزب وهو ميسر لما خلق له لا يتعداه وعنه لا يحيد، فقد سبق عليه الكتاب يوم كان "هياكل تهذيب الجماهير" ، واستمر في هذا النهج يوم حول إلى "الحزب الجمهوري"، وهكذا ظل يوم مسخ وتحول إلى طابور خامس من "المستقلين" التائهين في دهاليز الولاء لأي مغتصب للسلطة، وهو كما هو حين مسخ إلى "عادل" ايام "سيدي" وهكذا هو الآن أيام "عزيز"... هو دائما وجهة المهرولين الانتهازيين النفعيين المنافقين الذين يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون... تصوروا أن بذاءاتهم تنصب على اولياء نعمتهم بمجرد رحيلهم... تذكروا أوصافهم لنظام معاوية الذي منه نبت لحم أكتافهم وتنكرهم لسيدي وإن منحكم الله العمر ستسمعون منهم العجب العجاب في ذم عزيز وعهد عزيز حين يرحل... فهم يضمرون الكراهية دائما لأولياء نعمتهم ويجترون بذاءات تسقط على المعارضة وزعيمها، وهذه رياضتهم المفضلة ظنا منهم أنها ترضي آمر صرف اللحظة وتقربهم إلى مزاجه المتعكر المتغير... صدقوني أنا لا استغرب اتهامهم زعيم المعارضة بالصبر والثبات على مواقفه النضالية بعيدا عن إغراءات السلطة وصيانة لخيار آخر لموريتانيا ولشعب موريتانيا المحبط... فالثبات ليس في مرجعياتهم إنهم انقلابيون يدعمون الانقلابات وينقلبون على الانقلابيين حين تتعقد الأمور... حاولوا الانقلاب على المعارضة واحتواءها ولكنهم فشلوا في ذلك... ويخطئ من يعتقد أن دعوة المعارضة لرحيل النظام هي دافع غثيانهم الديماغوجي الوبائي، فهم يدركون أن عزيز راحل لا محالة وأن رحيله بات رغبة الشعب ورغبتهم هم الدفينة قبل أن تصبح رغبة المعارضة، ولكنهم يحاولون تحقيق تلك الرغبة بإشعال نيران الفتنة والردة حول الرئيس لحجب الحقائق عنه، ويحاولون ابتزازه بشيطنة خصومه ودفعه في الاتجاه الخاطئ لا حبا له ولا سعيا لمصلحة البلاد وإنما لتحقيق غايات دنيئة في معظمها... يريدون له أن يستمر في هروبه العبثي إلى الأمام وعندما تأتي لحظة النهاية يتقافزون من سفينة تغرق نهبوا مؤنها واربكوا قبطانها وأهلكوه، وسيقومون في تلك اللحظة بالتشبث بقشة الولاء للوافد الجديد عله يمكنهم من الاستمرار في دورانهم العبثي نحو السلطة ومنابع الانتفاع... لكن الأمور لا تأتي دائما على نفس المقاسات، والتاريخ لا يعيد نفسه بنفس التراتبية العبثية... نحن الآن في الألفية الثالثة والجنرالات يتساقطون كأوراق التوت في يوم عاصف في غمرة الربيع العربي والأنظمة تتهاوى والحكام العسكريون بين من رحل ومن مات ومن حوكم ومن غيب، ولا مناص من الرحيل ولا عاصم من التغيير... وما فات المهرطقين أو حاولوا تجاهله والتملص منه هو أن مشكلة النظام بسببهم هم، وبسبب عجزه وإخفاقاته المتراكمة والمشكل هو مع الشعب الذي شبع من الترهات وسلك دروب التغيير وإرادة الشعب لا تقهر ولا تصادر ولا "تكزر"... وفي النهاية يذهب الزبد والبذاءات جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض وينتصر الحق ويزهق الباطل.
يعقوب ولد سلام