الغريب في هذه الانتخابات علي غير عادة سابقاتها أن رهان المرشحين لم يعد علي الفوز ، بل أصبح من أجل تحصيل نسبة مشاركة تضفي شرعية علي السباق ، فالرئيس محمد ولد عبد العزيز كان يراهن علي سخونة السباق بإدخال منافسين فئويين كشفت الأيام العشرة المنقضية من الحملة الانتخابية أن لا وجود لذكرهم علي أرض الواقع ، وأن الفئات التي يمثلون لم تعر اهتماما لخطابهم لحد غياب أي تمثيل لهم في أغلب مدن جنوب وشمال البلاد.
وإن كانت الأنباء تحدثت أخيرا عن مد ولد عبد العزيز منافسيه بمبالغ مالية معتبرة ، بعدما لوحظ من فتور شديد في سير الحملات ، وبعد تذرع منافسيه بأن نقص الوسائل هو ما أوصل الحال إلي ما هو عليه ، إلا أن أغلب المرشحين فيما يبدو فضل ادخار ما تحصل عليه خوفا من تبديده في سباق يراه محسوم النتائج ،فبقيت الحملات علي حالها المنكمش الباهت نظرا لعدة عوامل :
1-دعوة المعارضة لمقاطعة الانتخابات: وهي دعوة ستلقي آذانا صاغية من قبل أنصارها هذه المرة ،عكس الانتخابات المحلية الماضية التي أثر العامل القبلي والصراعات المحلية في عدم الانصياع لدعوتها ، كما يزداد جهدها اليوم بانضمام حزبين (تواصل والتحالف ) اللذين حازا في الانتخابات الماضية علي المرتبة الثانية والثالثة.
2- وثوق أنصار عزيز من فوزه، واطمئنان أنصار منافسيه من عدم قدرتهم علي كسب السباق سيخلق تكاسلا في شعبية الطرفين قد يدفع الكثير منهم لعدم المشاركة.
3- عدم توفر مديري الحملات علي الأموال والوسائل مما سيجعل فئة واسعة كانت تتحين في الحملات الاستفادة المادية خارج معادلة الانتخابات، وهو ما سيكون له انعكاس سلبي آخر علي نسبة المشاركة.
4- الصراع القبلي الذي طبع الإنتخاباب المحلية الماضية استدعي من كل القبائل تسجيل عناصرها محليا ورصدت لذالك أموالا طائلة من أجل نقلهم يوم التصويت وإرجاعهم لمكان إقاماتهم مما أنهكهم ماديا،وما زال أغلب تلك العناصر مسجلا في نفس الدائرة لكنه الآن لا يتوفر لديه الحماس من أجل الذهاب للتصويت و لا القبيلة مستعدة لإعادة نقلهم.
5- العامل المناخي :فالانتخابات تجري الآن في فترة ساخنة مما يجعل الكثيرين من الشباب وكبار السن غير مستعدين للوقوف في الطوابير من أجل انتخابات تربوا علي أن أهميتها تقتصر فقط علي الحفاظ علي أمجاد القبيلة .
6- المونديال :سيكون الكثير من الشباب وخاصة في المدن منشغلون بمتابعة مباريات المونديال ،وقد ظهر ذالك جليا علي مستوي الحضور لمهرجان الشباب، الذي دفعوا فيه بكل أوراقهم من أجل إنجاحه لكن سحر الكرة كان لهم بالمرصاد.
ومما لا شك فيه أن كل جهود المتنافسين -وبشكل خاص حملة المرشح ولد عبد العزيز- ستنصب من أجل محاولة تجاوز تلك المعيقات بضخ الأموال الكثيرة ، فلا شيئ غير المال قادر علي "صناعة" الحماس في تنافس بين مرشحين أقرب للمتحالفين.