منذ اللحظة الأولى لإنطلاقة ما يسمى " ببرنامج أمل " بولاية لعصابه ، عكفت لجان بكل المقاطعات برئاسة الحكام على دراسة السبل والطرق المناسبة للتعرف على المنمين وتدوين ما يملكون من مواش. وقد تدفق آلاف المنمين إلى إلى هذه اللجان لتسجيل أسمائهم وإعلان أعداد أنعامهم وفي وقت وجيز تم تقييد آلاف الملاك ومئات الآلاف من رؤوس الماشية وعلى سبيل المثال بلغت لائحة منمي بلدية كيفه وحدها من بين بلديات لعصابه ال 26 أكثر من 6000.
لكن صدمة هؤلاء كانت كبيرة بمجرد علمهم بحجم الأعلاف المقدمة من طرف الحكومة وهو أيضا ما فاجأ السلطات هنا وأربكها وجعلها لا تدري ما ذا تفعل أمام هذا السيل من المنمين وهي التي يجب أن تسير هذه الكميات الزهيدة ، التي لم تتجاوز بالنسبة لمقاطعة كيفه 400 طنا ولكنكوصه 500 طنا ونصيب باركيول 300 طنا و 200 طنا لكل من كرو وبومديد.
وقد تبين أن قسمة هذه الكميات على ما هو مسجل من منمين لن يتجاوز في أحسن الأحوال خنشة للشهر. وهو الأمر الذي استوجب أن تعيد هذه اللجان النظر في خطتها الاولى والبحث عن معايير جديدة للتعرف على المنمين الحقيقيين وبالتالي تقليص اللوائح إلى أقصى حد ممكن ، ليستقر الرأي على اعتماد وثائق التطعيم البيطري وتراخيص الرعي بدولة مالي.
هذا المقترح أيضا ولد مأزقا جديدا ووصل فيما يبدو إلى طريق مسدود ، حيث تحرك ضده عدد كبير من المنمين الذين ليس من عادتهم تلقيح المواشي وآخرون فضلوا أن لا يتوجهوا إلى مالي واعتبروا تلك المعايير جائرة ولا معنى لها وأنها سوف تحرم آلاف المنمين من حقوقهم وقد قامت هذه الفئة من المنمين مدعومة بالملاك الصغار من القرويين وسكان المدن بالتحرك ضد الخطة الجديدة – على الأقل بمدينة كيفه – وطرقوا كل الأبواب معبرين عن رفضها بما في ذلك مقابلة قادة الوحدات الأمنية بالولاية ، كما عبرت هذه المجموعة عن عدم ثقتها في شفافية ونزاهة ما سيقوم به العمد والأطباء البيطريون وقالوا أن العملية ستشهد الكثير من الفوضى والتلاعب في حالة المضي في المقترح الأخير.
هذه المشاكل والعقبات أدخلت السلطات في جو من الدهشة والتردد وبدت عاجزة عن إيجاد صيغة ترضي كافة المنمين وهو ما أجل اللحظة التي يجد فيها هؤلاء ما يسعف مواشيهم. و أفرز مفارقة عجيبة ، حيث أدى إلى ارتفاع سعر القمح بأسواق الولاية من 6500 أوقية إلى حوالي 8000 أوقية ،
يحدث ذلك في وقت لم يصل فيه إلى المخازن بالولاية إلى جزء يسيرمن الكميات المخصصة للحيوانات وفي آن أصبح فيه المنمون يواجهون بداية أشهر قاسية ومصيرية بالنسبة لمواشيهم .التي بدأ العجف يشتاحها نظرا لشح المراعي وندرة المياه ، ينضاف إلى ذلك ما قد ينجر عن التوتر الحاصل على الحدود مع الجارة مالي والذي أصبح يلغي بظلاله على أوضاع المنمين الذي قد يجدون في أي وقت أنفسهم مضطرين إلى الرجوع إلى الوطن " الجاف".
وكالة كيفه للأنباء تستقبل على مدار الساعة بمقرها أفواج المنمين المتظلمين والمنتقدين لمستوى التدخل ،الراغبين في نشر قضاياهم وهم مجمعون على عدم جدوائية ما هو معروض حتى الآن من دعم وأطلقوا الكثير من عبارات الاستهجان نحوه.
لقد عبروا عن استعدادهم - والحالة هذه – لإهداء هذه الكميات إذا ظلت بهذا المستوى الزهيد للدولة الموريتانية والتوكل على الله ونعم الوكيل وتمنى بعضهم أن يكون من لاجئي طوارق مالي الذين تتنافس الدولة الموريتانية والشخصيات الوطنية والمنظمات العالمية على الشد على أياديهم و جمع المساعدات لهم.!