إن المهتم بالدراسات الإستراتجية والفكرية وبالتحديد الفكرالسياسي في موريتانيا يلاحظ بكل وضوح تحول جذري لكل القواعد والأساليب والممارسات والحوارات التي كانت سائدة في الانظمة الماضية ويعود ذلك التحول إلى لحظة تاريخية وقعت بمجيئ الرئيس محمد ولد عبد العزيز تلك اللحظة مازالت غامضة عن أصحاب الفكر والسياسة والإعلام بمعنى أن الأسابيع التي سبقت الإطاحة بالرئيس معاوية كانت بالنسبة للرئيس محمد ولد عبد العزيز لحظة فداء وتضحية وشرف ،لحظة موت أو حياة لكن الشجاعة والإرادة القوية والعزيمة الصلبة والإيمان العميق بالله جعل الرجل قد آمن بأن لحظة حاسمة وتاريخية في البلد لابد أن تتحقق فقضى الله بما قضى وتمت الإطاحة بمعاوية كيف تم ذلك؟!
أمر مازال خفيا ولكن يقول جان بياجي: <<لاعلم إلا بماهو خفي>> لكن ماهو خفي هو الذي أثمر التحول الجذري للبلد فكانت الساحة السياسية غيرمهيئة لإستعاب هذا التغير الهائل والحقيقي مما أدى إلى إنقسام في النخية السياسية إلى قسمين:
*فسم آمن بلحظة الحسم ورياح التغيير تغيير موريتانيا في كل شيئ إلا الممارسة الديمقراطية الصحيحة والشفافة والتوافقية.
*وقسم ظل متمسكا بالخطط والأساليب والممارسات في زمن الأنظمة الماضية ويرى بأن التغيير الذي قام به محمد ولد عبد العزيز هو مجرد لعبة وشكلي ولايصل إلى الجوهر والعمق من هنا بدأ التصادم بين التضحية ويمثلها محمد ولد عبد العزيز والنضال ويمثله أحمد ولد داداه فكان لابد من فترة زمنية غير محددة لكي يقتنع النضال بالتضحية أو التضحية بالنضال فاستمر تصادم شرس بين الرجلين يوظف كل الأساليب الشرعية وغير الشرعية وعلى مدى 6 سنوات كانت الساحة السياسية تعيش توترا لم يسبق له مثيل بدء من مؤتمر داكار مرورا بالطعن في الإنتخابات ثم بالمطالبة بالرحيل ومقاطعة الإنتخابات وبين هذا وذاك حرق للكتب والإساءة للرسول والإشاعة حول تمزيق المصحف والتظاهرات الغير مشرعة والرهان على سفراء الإتحاد الأوربي ضف إلى ذلك الملاسنات والقيل والقال والغيبة والنميمة ولم تعد هناك حدود بينما يقال وما لايقال وغيب الدليل والبرهان والعقلانية المتنورة والشخصيات الحكيمة كل ذلك كانت خلاصته النهائية أن الجميع أغلبية ومعارضة أدركوا مما لايدع مجالا للشك أن التصادم وعدم الإستقرار أمر لافائدة فيه بل إن المنطق السليم والدين الإسلامي الحنيف يحتمان على كل الأطراف ضرورة الصلح لأن الصلح سيد الأحكام كما أن إجتماع قادة النخبة في البلد للحوار وتصميم العزم على الخروج بوفاق وطني يشكل انتصارا مدويا في الداخل والخارج وسوف يتبين للجميع أن بموريتانيا نخبة لها الإكتفاء الذاتي في ميدان الحوار والتوافق ومهما قيل عن الحوار الجاري فإن أصحابه أمام أمرين:
إما خلاف سوف يطيح بالعقل والحكمة وهو شر مستطيروإما وفاق ينقذ الجميع وللجميع ويجعل موريتانيا أمانة في عنق كل مواطن .
وفي إطار التنبؤ والتكهن بما سيؤرل إليه هذا الحوار الجاري بين الأطراف نقول أنه حوار سوف يكون ناجحا وسيصل بالبلاد إلى برالأمان لأن النخبة منهكة والأوزان نقصت ولم يعد أمامها إلا الوفاق وفي حالة التوصل إليه سوف تنظم مسيرة تأييد تجمع الأغلبية والمعارضة وسوف يكون الجميع ضيفا لرئيس الجمهورية في القصر الرئاسي ليفرح الشعب الموريتني بهذا الإنتصارالعظيم والتاريخي وسوف يكرم أصحابه من أغلبية ومعارضة .