ذا كان الكلام فضة يكون السكوت ذهبا.. وإذا اختلط حابل الفضة والنحاس بنابل السمك والنفط والذهب يكون الصمت أبلغ من الكلام. وأنت يافخامة الرئيس – هداك الله – أشبعت شعبك كلاما فما تزال مسامرات لقاء الشباب ولقاءات النعمة وأطار وخطابات بروكسل وتورنتو وأديسا بابا وغيرها تملأ مسامعنا... أو جز يافخامة الرئيس فالإنسان (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا).
قد نلتمس لك أحسن المخارج ونعتبر أنه لكل مقام مقال وأنك حين تبادر للحديث بهذه الوتيرة المتسارعة فمعنى ذلك أنك استشعرت جسامة المسؤولية وتدبرت ما ينتظره شعبك وستخاطب رأيك العام بقرارات جديدة تتراوح بين زيادة معتبرة للأجور وتوفير 100 ألف فرصة عمل وخفض معتبر لأسعار المواد الأساسية واعلان جاد لآلية لتوزيع عادل للثروة الوطنية أو على الأقل المليار دولار الذي كنت اعلنت عن توفره في خزائن الدولة.. وقد تكون على موعد مع التاريخ وتتسامي وتتعفف وتعلن عدم ترشحك لمأمورية ثانية وتترك السلطة قبل أن تتركك.. وقد تعلن عن إلغاء نتائج الانتخابات البلدية والتشريعية الماضية لتوسيع دائرة التمثيل الشعبي وتعلن عن استئناف مسار انتخابي تشاركي حقيقي ينهى الانسداد ويضمن التناوب والتداول.. ومن يدري فقد تؤمم mcm وكنروس تازيازت والشركة الصينية المثيرة للجدل.. وقد تعلن استقالتك من حزب الاتحاد لتصبح فوق الأحزاب.. كل ذلك منتظر وممكن وضمن صلاحيات فخامتك لكن إياك يافخامة الرئيس أن تكرر أو تجتر أو تطلق أقوالا عامة من قبيل إنجاز 80% من برنامج المأمورية المنصرمة وإياك أن تكرر الرغبة الاعتباطية التي لا تسندها إرادة حقيقية في الحوار مع معارضيك ومع الأغلبية الصامتة التي أصابها إحباط شديد فكل هذه المقولات استهلكت ولم تعد تقنع أحدا.
أقدر موقفك يافخامة الرئيس فأنت محاط بموالاة إقصائية انتهازية أو قعت بكل من سبقوك من الرؤساء تحاول حتى تكييف الهواء الذي تتنفسه، ومواجه بمعارضات ليست كلها بناءة. إياك من الاستسلام لأوهام العظمة الزائفة.. وإياك من الانتشاء بأحلام اليقظة الزائدة.. عليك بالمختصر المفيد وإذا لم يكن هنالك مختصر مفيد أو مطول جديد فالصمت أبلغ وليس للمرء من كلامه إلا ما لم يقله بعد وباستطاعة أي كان أن يخدع بعض الناس لبعض الوقت ولكن ليس بمقدور أي كان أن يخدع كل الناس كل الوقت.