"نحن أيها الخبز لن نتسول سنمضي نبحث عنك سنكافح معا..
سوف نتوج رؤوسنا بالسنابل, لنكتسح الأرض ونأتي بالخبز.. سيكون للحياة شكل الخبز... سوف تصبح هذه الحياة بسيطة وعميقة.. نقية وطاهرة..
وسوف يكون خبزنا مقدسا.. مكرما لأنه ثمرة لأقسي وأطول كفاح عرفه الإنسان.."
بابلو نيرودا
أقسى وأطول كفاح عرفه الإنسان..!!
الخبز منتوج سحري..
الخبز هبة الأرض والسماء معا..
الخبز يا سادتي ملتقى طرق كل الأشياء:
هو نتاج تفتق العبقرية الإنسانية بلا نظير..
الإنسان يفعل كل شيء ليحصل عليه:
يُزرع، يُحصد، يُطحن، يُخلط بالماء، يوضع في النار، يُتفنن في أشكاله وألوانه، يُباع، يُشترى، يُشتم، يُلمس، يُذاق،
باختصار، يبرز فيه ذلك الكائن المثير للجدل، بكل ما في الكلمة من معني، جميع قدراته وطاقاته..
الخبز يلخص كل خبراتنا وتقنياتنا..
كل أفكارنا الحية ورؤانا المتجددة..
الخبز هو الإنسان.
لا يتقولَن متقول أن تمجيد الخبز سعيُ إلى اختصار الإنسان في "مادة"..
إنه ـ وكما قلت ـ ملتقى طرق كل الأشياء: السماوي والأرضي، الماء والنار، المحسوس والمتخيل..
إنه يتخطى تلك الحدود ليدخل كل الأكاديميات: الاقتصادية كسلعة استهلاكية مدرة للدخل، وقادرة على خلق ادخار كبير وتراكم رأس المال..إلخ.
السياسية : كأداة مهمة لخلق الاستقرار السياسي (ثورات الخبز التي أطاحت بأنظمة وحكومات..إلخ).
الفنية والجمالية، التاريخية، الأهم من ذلك الوجه الآخر الشعبي للخبز، والجماهيرية التي يحظى بها أكثر من أي شيء آخر. كل هذا.. والخبز لا يزال في بلادي مضطهدا اضطهاد الإنسان نفسه..
يرفع سعره بلا أي اعتبارات لينزل سعر الإنسان في هذا الوطن..
الجشع الشيطاني يجهد ليلغي حق الإنسان في الخبز، ويجعل سعره بمائة أوقية متغافلا أن جهد الإنسان، عرقه، ماءه وناره، أكبر سعر قدمه مسبقا للحصول على الخبز، وأنه في أوضاع شيطانية كهذه يحمي الإنسان خبزه بدمه،
أو إن شئتم يحمي الخبز الإنسان.