شخصان متواضعان عظيمان، سعيدان... عاشا بحب وبالفة لا نظير لها لازيد من سبعة عقود كان نموذجا للالفة والمحبة والاحسان والتعلق بالارض والقدرة علي التعايش... عند تاسيس قرية ديسق سنة ثمان وخمسين كان محمود القادم من بوادي جنوب كيفة شابا صغيرا يحمل النيفارة شاديا لواعج الشوق والحنين ،ومؤسسا لمرحلة جديدة من حياته او لكل حياته الجديدة علي الاصح وتزوج مارية بنت القرية ...عاشا حياة استثنائية بامتياز بترابط غريب وتساكن يحسدان عليه ولعقود سبعة .. كان يجسدان متلازمة لا تتكرر لساكنة القرية الصغيرة ديسق ...لا يذكران الا متلازمين ولا يفرق بينهما سوي الموت الذي ابعدهما عن قرية احباها خدماها باخلاص وتفان وجسدا مع ساكنتها نموذج التعلق الابدي والتساكن الامثل
عاش محمود كريما سخيا صبورا متحملا لا يقبل بالصغائر وطور معجمه الخاص في النبل ،كان نعم الأب والجار والصهر ،
كلما اتيتهما في العطلة الصيفية تجهش مارية بالبكاء ولا يتمالك محمود الجسور دموعه فتخونه عبراته وعباراته حين يستحضر ماضي القرية الوادعة .. القرية التي تغيرت معالمها وغابت اعلامها .. الا محمود بسمته وحيويته ، ومارية بظهرها المحدودب وبشاشتها وطلاقة وجهها ... مقاومان شرسان يتمسكان بحنو ابوي بالقرية الصغيرة ...
. لم يعد الامر كذلك .... ودع محمود حياتنا قبل سنتين الي رحمة الله وكان من الواجب الا تبلغ مارية في رحلة مرضها الخبر .. فمحمود في غياب قصير غير معهود حتي لا تحزن ...
واليوم تلقيت بقلب مؤمن بقضا الله وقدره ونفس يعتصرها الاسي وتحتسب الاجر عند الله خبر رحيل مارية .....التحقت بمحمود ، انها لاتريد ان تعيش دونه ، ولو كان بيدها من الامر شيئ ما بقيت بعده ولو لسنتين
رحل محمود ورحلت مارية عن ديسق ...اللهم وقد عاد اليك اسيراك في ارضك محمود ومارية بعد ما عمرتهما تسعين سنة من فضلك فارحمهما وتقبلهما في واسع جنانك مع الذين انعمت عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ولله اما خذ وله ما ابقي
وانا لله وانا اليه راجعون