نواكشوط - سكينة أصنيب -العربية
تعيش موريتانيا سلسلة من الأحداث المتلاحقة بعد حادث تدنيس المصحف بدأت بخروج مظاهرات عفوية للتنديد بالحادث، وتوسع نطاق الاحتجاجات لتصل إلى محيط القصر الرئاسي بتنظيم من التيار الإسلامي، فردت أجهزة الأمن بعنف على المظاهرات، مما أسفر عن سقوط قتيل وعدة جرحى.
وتواصلت الأحداث بإصدار فتوى من علماء التيار الإسلامي أبرزها فتوى الشيخ محمد الحسن ولد الددو، اعتبرتها الحكومة بمثابة تحريض على العنف والعصيان، ثم أقدمت على إغلاق مراكز تابعة للتيار الإخواني.
الحكومة: الإخوان فشلوا في موريتانيا
وفي سياق ردود الفعل، اتهم وزير الإعلام الموريتاني سيدي محمد ولد محم، بعض الأطراف السياسية بتدبير حادث تدنيس المصحف في نفس اليوم الذي دشنت فيه الحكومة قناة القرآن الكريم.
وقال "ليس صدفة أنه في نفس اليوم الذي تدشن فيه الحكومة قناة القرآن الكريم تدبر عملية تمزيق المصحف ليقال: إن المصحف في خطر ونحن ندشن قناة للقرآن الكريم فمن يريد اليوم أن يقنع الموريتانيين بأن هناك جهة سياسية هي الحريصة على المصحف الشريف، وأن الحكومة والرئيس لا يقدسون المصحف الشريف.. ذلك لا معنى له، ولكن الاستغلال السياسي واضح جدا".
وأكد الوزير أن هناك جهات تستخدم وسائل إعلامها للترويج لأساليب غريبة على المجتمع الموريتاني، منبها إلى أن الحكومة لن تقبل المساس بالأمن والاستقرار، وأن الأمن مقدم على الحرية في حال تعارضهما.
ووجه الوزير اتهاما صريحاً لتيار الإخوان وجناحه السياسي وإعلامه، حين قال "هناك قوة سياسية فشلت في دعوتها إلى رحيل النظام وفشلت في مسارها السياسي كما فشلت في نيل ثقة الموريتانيين، حاولت استغلال الوضع وإثارة الفوضى، وتعاملت بمنتهى التحريض وحاولت جلب ثقافة التشييع السياسي، وثقافة الاستشهاد وهذه أمور جديدة على البلاد، كما حاولت استنساخ تجارب البلدان الأخرى لتطبيقها هنا في موريتانيا بإخراج رديء جدا".
وتساءل المتحدث: "لماذا يخطط البعض لتحريك الناس بسبب تمزيق المصحف الشريف، والجميع يعرف أن من مزق المصحف يستهدف زعزعة الأمن العام، والمجرم يعامل بنقيض قصده"، في إشارة إلى قرار إغلاق الجمعيات المحسوبة على التيار الإسلامي.
وتتداول الصحف الموريتانية معلومات مؤكدة حول نية الحكومة البدء بتصفية جماعة الإخوان المسلمين ذات القوة التنظيمية الكبيرة والحضور السياسي القوي الذي يشمل ستة عشر نائبا ونحو 500 مستشار بلدي وعددا كبيرا من العمد.
احتقان ودعوات للتهدئة
ومن جهته، قال الباحث السياسي محمد عالي ولد أحمدو للعربية.نت، إن الأحداث المتسارعة والقرارات التي اتخذتها السلطات تزيد من شدة الاحتقان التي يعيشها الشارع الموريتاني، فحل جمعية إخوانية واتهامها ضمنيا بتجنيد أعضاء وغسل أدمغة الشباب وجمع التبرعات الخارجية المشبوهة، دون تقديم أدلة يتعارض مع الديمقراطية ويعيد البلاد إلى عصور سابقة وينسف كل المكتسبات والحقوق التي ضحى الموريتانيون من أجل تحقيقها.
ويرى أن منتدى تحالف قوى المعارضة الديمقراطية الذي نظم قبل يوم من حادث تنديس المصحف أزعج النظام الحاكم ودفعه إلى إعادة حساباته قبل احتدام معركة الانتخابات الرئاسية في ظل توحد المعارضة وتوسعها واتفاقها على خوض الانتخابات الرئاسية بمرشح موحد.
ويشير إلى أن حزب "تواصل" تصرف بذكاء حين التزم بقرار منع النشاط الذي كان ينوي إقامته احتجاجاً على تدنيس المصحف فربما كان النظام يريد من الحزب أن يعاند ويرفض قرار الداخلية فيكون ذلك مبررا لقرارات أشد خطورة بشأن الحزب.
ويضيف "كذلك الشأن بالنسبة للعلماء والفقهاء وأئمة المساجد الذين رفضوا دعوات البعض بالغلو في خطبة الجمعة الأولى بعد الحادث وتحويلها إلى مناشير سياسية تعبوية حزبية". إلى ذلك، اعتبر محمد محمود ولد سيدي رئيس جمعية المستقبل التابعة لرئيس مركز تكوين العلماء الشيخ محمد الحسن ولد الددو أنه فوجئ بقرار إغلاق الجمعية وفروعها ومصادرة ممتلكاتها، مشيرا إلى أن الاتهام الذي وجه إليهم بالتحريض على أعمال العنف يعد اتهاما واهيا وغير مبرر.
وقال ولد سيدي إن جمعية المستقبل تقوم بأنشطة دعوية وتعليمية وليست لها نشاطات تطوعية ولا خيرية، كما أنه ليس لها علاقة بإحداث الشغب، معتبرا أن قرار إغلاق الجمعية يعد "استهدافا لصرح دعوي وثقافي يربي الشباب على حب الدين وخدمة الوطن في جو يستأسد فيه تيار الإلحاد دون نكير ودون رقيب ودون عقاب"، على حد قوله.