فوجئ الرأي العام الوطني بقرار السلطة الموريتانية المتعلق بحلّ "جمعية المستقبل للدعوة و الثقافة و التعليم" و الذي جاء في غَمرة الاحتجاجات المُدينة لتدنيس المصحف الشريف في العاصمة انواكشوط.
لقد كان القرار صادما لكل المتابعين للشأن العام الوطني, ذلك أنه في الوقت الذي كانت النفوس تتوق فيه لإلقاء القبض على الجناة و المتهمين في قضيتي مقتل الشاب أحمد ولد حمود و تدنيس المصحف الشريف و محاكمة كاتب المقال المسيئ للنبي صلى الله عليه و سلم إذا بالسلطة تقوم بحظر جمعية عرفها الموريتانيون بانتهاج الوسطية و تعليم الدين الحنيف و محو الأمية ... على حد قول الشاعر :
شكونا إليهم خراب العِـرا**ق فعابوا علينا شحوم البقر!!
لقد حاول الرئيسُ محمدولد عبد العزيز -منذ استيلائه على السلطة عبر انقلاب عسكري- الظهورَ بمظهر القائد الإسلامي الذي يحمِى بيضة الدين و يدعمُ العمل الإسلامي حتى تزلّف بعضهم و منَحَه لقب "رئيس العمل الإسلامي" -عطاء من لا يملك لمن لا يستحق-.!!
و مع هذه الدعوى المغرضة ( دعوى رئيس العمل الإسلامي) فقد عمل "رئيس العمل الإسلامي" على تجفيف منابع العمل الإسلامي و تقييد حركة المنظمات الخيرية و التعليمية العاملة في المجال, فصدرت أوامر تحظر "حفر الآبار" دون رخصة من السلطات -على سبيل المثال لا الحصر- في الوقت الذي ظلت فيه المنظمات التنصيرية و تلك الداعمة لأنشطة "مشبوهة" تنافي الأخلاق و الدين طليقة ,معززة, و مـُصانة الجَناب.
و لم تسلم بعض القيادات الإسلامية -ذات المستوى العالمي- من الإهانة على يد حكومته و عدم الدفاع عنها عندما تم الاعتداء عليها, و في هذا الإطار تم سحب جواز السفر الديبلوماسي من الشيخ محمد الحسن ولد الددو ثم تلكّأت السلطات القضائية و الأمنية في استجواب المعتدِي عليه -مساء الجمعة 14 فبراير-و تركت الأخير حرا طليقا و تذرّع وزير العدل بأنه لم يتم إبلاغ وزارته بالأمر!! , ثم ادّعى أنه "لا يعتقد أن الشيخ تعرض لاعتداء"!!! فسكت دهرا و قال مُنكرا...
لقد أظهر تباطؤ الحكومة الموريتانية و قيادتها في تطبيق الشريعة و القانون بحق المتهمين بالإساءة إلى النبي صلى الله عليه و سلم و تدنيس المصحف الشريف و حرْقِ الكتب أظهر عدم جدّية الرئيس و حكومته المُطيعة له في تطبيق شرع الله و الدفاع عن المقدسات , و فضح السياسات الحكومية القائمة على استغلال مثل هذه الأحداث لأهداف سياسية ( كما حدث في قضية "المحرقة") , و أقنعت الكثيرين بأن "رئيس العمل الإسلامي" إنما يستغل مثل هذه الوقائع لزيادة شعبيته و الظهور بمظهر "أمير المسلمين" في الوقت الذي تتهـِم فيه حكومتُه الجماهيرَ العريضة التي انتفضت و تظاهرت نصرة لكتاب الله ب"تهديد الأمن" !!!
إن كل ما سبق من وقائع بالإضافة إلى استهتار السلطة الحاكمة بدم "شهيد القرآن" و عدم احترام الحريات و الحقوق العامة للمواطنين يحدو بي إلى التفكير جيّدا في منح رئيس الجمهورية لقب "رئيس مكافحة العمل الإسلامي" فهل يستحق سيادته هذا اللقب؟! ......