حبس الرأي العام أنفاسه لأكثر من أسبوع وهو ينتظر الحكومة التي تعهد الوزير الأول مولاي ولد محمد لغظف، بعد إعادة تكليفه بتشكيلها للمرة الثالثة منذ أغشت 2008، بأن تكون حكومة "عمل وبناء وإصلاح، وذات تمثيل واسع"، ليجد نفسه في منتصف النفق أمام ذات الحكومة التي لم تنجز عملا ولا بناء ولا إصلاحا، ولم تكن موسعة كما تعهد الوزير الأول.
الحكومة المعلنة اليوم ضمت 15 وزيرا في الحكومة "المستقيلة" احتفظوا بالمناصب السيادية والاقتصادية والمالية والإسلامية، في حين تمت زركشتها ب11 وزيرا "جديدا" منهم وزراء سابقون في حكومة ولد محمد لغظف، ولم تكن موسعة؛ كما تعهد الوزير الأول بعد التكليف، حيث لم تضم إلى جانب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم سوى حزبي الكرامة والاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم.
جاءت الحكومة لتكشف مدى عمق الشرخ الذي تعانيه الأغلبية، وانعدام ثقة الرئيس محمد ولد عبد العزيز في مكونين أساسيين فيها:
أولهما؛ قيادة الحزب الحاكم التي أقصيت بشكل مهين من الحكومة، فتم الاستغناء عن نائب رئيس الحزب محمد يحي ولد حرمه، وأمينه العام عمر ولد معط الله، ومسؤولة نسائه عيش فال فرجس، وأبقي رئيسه تحت قبة البرلمان مرؤوسا من قبل قيادي تابع له.
وثانيهما؛ الأحزاب الشبابية التي تشكلت بإيحاء ودعم من الرئيس، وسبق أن حاز أحدها حقيبة وزارية؛ وهو حزب الحراك الشبابي، حيث أقصيت من كعكة الحكومة بعد أن وفرت غطاء شبابيا لدعم الحكومة في أوقات حالكة.
ورغم أن الحكومة المعلنة وجدت من وقت التشاور ما لم تجده الحكومات السابقة، حيث اتسعت دائرة التوقعات باحترامها للمعادلات الجهوية التي ظلت متبعة من قبل الأنظمة المتعاقبة، إلا أنها لم توفق في توفير الحد الأدنى من احترام الانتشار الديمغرافي في الولايات، فقد حصلت ولاية آدرار وحدها على أربع حقائب وزارية في حين غابت أو حضرت بشكل محدود ولايات تزن ضعفيها من حيث عدد السكان، وظهرت المحاصصة الفئوية في أوضح تجلياتها.
وكقراءة سريعة لإعلان الحكومة الثالثة لمولاي ولد محمد لغظف، يرى المراقبون أن ما تم إعلانه اليوم لم يكن الشكل النهائي للحكومة التي كان مقررا أن تظهر للعيان، وأن عمق الأزمة الداخلية في صفوف الأغلبية، والخوف من أن تستغرق المشاورات مدة أطول مما كان، أصبح لزاما على الرئيس ووزيره الأول إعلان الحكومة بشكلها الحالي، وعينهما على إمكانية الدخول مع منسقية المعارضة في حوار يكنس طاولة الحكومة.. وربما البرلمان، تحضيرا لانتخابات رئاسية يأملان أن تشارك فيها الأحزاب التي قاطعت الاستحقاقات المحلية والتشريعية الأخيرة.
السفير