قامت وكالة كيفه للأنباء برحلة عبر المناطق الموجودة بين مدينة كيفه و وادي " أم الخز " ؛ وذلك للوقوف على معاناة السكان ومظاهر الجفاف هذا العام.
مررنا بقلب كرفاف – اكنيدير – سيف شرواطه – أحميده- فتدن - أجم – أذريع – آمرجل – أم الخز.
في جميع هذه المناطق عرف السكان حركة غير مسبوقة إلى مدينة كيفه، فكان في كل قرية هناك أسر هجرت ديارها أول مرة في حياتها واضطرت لدخول المدينة ( كيفه ) ؛وذلك للاستعانة بها على قساوة هذا العام.
من كل أسرة في هذه القرى اختارت الصمود والبقاء بالقرية غادر الأب أو الأبناء أم هم جميعا ، أو أجرت عاملا وذلك للانتجاع بالماشية في أقصى الجنوب. وهو ما أدى إلى خلو هذه التجمعات القروية من الرجال . وعبر الهاتف أو الرسائل الشفهية التي تحملها السيارات القادمة من كيفه تتواصل الأسر مع أفرادها الذين غادروا في آثار القطعان والأسئلة التي يتحرك بها كل لسان هي : أمازال بالحدود عشب ؟ كيف تشرب قطعاننا وفي أي مكان يوجد "لعزيب " ؟
في طريقنا ذهابا وجيئة لا ترى من الحيوانات سوى الحمير أو نوق سائبة أو شياه ماعز تتعلق بالأغصان الجافة لالتهام ما تيسر من ورق وعيدانّ!
الأبقار والأغنام وهي عصب الحياة بهذه المنطقة الشاسعة غادرت في وقت مبكر إلى مناطق العشب في الجنوب .
لم يبق بحوزة سكان المنطقة غير قطعان قليلة من الماعز ؛لا حليب فيها ولا "مخ" وهم في حرب حامية مع الذئب الذي يفترسها كلما ابتعدت قليلا عن القرية أو مضارب الخيام .
في هذه السنة لجأ الأهالي لأول مرة وبشكل كامل إلى استهلاك الألبان المعلبة والجافة ، التي تشترى بسوق كيفه بأسعار عالية جدا.
آثار الجفاف بادية في كل شيء ؛ على الأشخاص ،على المواشي ، وعلى أديم الأرض.! وعلى الأشجار، لا تعدم - وأن تتجول في تلك المناطق الجميلة - أن ترى جيف الحيوانات هنا وهناك وأما الحقول والأودية والقيعان فلا ماء ولا زرع !
الناس في معاشهم يعتمدون على ما يوفره أفراد الأسرة ممن لديهم وظائف أو حرف أو أنشطة تجارية بالمدن وعلى الدين الذي يأخذونه من المتاجر على أن يقضوه بعودة القطعان سالمة – إن شاء الله –
الماء الشروب هو أيضا غير متوفر للسكان ، حيث تشرب بعض القرى من آبار تقليدية وحفر لا فرق بين مياهها ومياه المستنقعات. فهذه قرية "آمرجل" قد تسربت الملوحة إلى شبكة مياهها الصغيرة وبات السكان قلقين مما يخبئه المستقبل وأما قرى "أم الخز" فتتزود من شبكات صغيرة مترهلة ومن آبار طويلة وقد نضب عدد منها.
السكان القاطنون على طول 80 كلم بين مدينة كيفه و وادي" أم الخز " يرون أن الوقت قد فات على البرنامج الرعوي الذي تأخر ولم لم يلبي الحد الأدنى من الحاجة، حيث كان ينبغي أن توفر لأصاحب المواشي حاجتهم من العلف ليستقروا في أماكنهم وذلك ما سيساعدهم أكثر على التمكن من تعهد ورعاية قطعانهم واستفادة أسرهم من مما تجود به تلك المواشي ويجنب تشطر الأسرة إلى أسرتين؛ يتم الإنفاق على كل واحدة.
لقد لخص الداه ولد أعل وهو المزارع الستيني بقرية " أحسي الرغوه" والذي لم يبذر بذرة واحدة هذا العام معاناة السكان بتلك المنطقة قائلا : لم نعد نثق في أي شيء .البشر ضائع والحيوان أضيع ولا معين سوى الله.!