أحال وكيل الجمهورية لدى محكمة انواكشوط، يوم الخميس، السيدة فاطمه جمال بنت عاشور إلى السجن المدني للنساء (في مقاطعة السبخه) بتهمة "الإعتداء على أحد أعوانه" ، كما جاء في محاضر الشرطة التي تضمنت شكوى من حاكم عرفات الذي اتصل هو نفسه بالوكيل دون أن يستمع إلى السيدة التي اعتدى عليها الشرطي ..!
وتبيانا للحق، فإن من واجبنا، في مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية، توضيح حيثيات القضية. ففي يوم الأربعاء - على تمام الساعة الـ 12- لاحظت فاطمه جمال، رئيسة قسم إيرا بالنيابة، على مستوى مقاطعة عرفات، أن رجلا في زي مدني و امرأة يتجولان في حيها، يسجلان الفقراء استعدادا لتقسيم "اللحوم السعودية"، و لا يسجلان إلا البيظان فقط !. فتوجهت إليهما بوصفها ناشطة حقوقية لتعرب لهما عن تنديدها بالطريقة الإنتقائية العنصرية التي يتبعان في تسجيل السكان، فقالت لهما مستفسرة: "لماذا تجاوزتما هذا الحي و تدقون أبواب الدور المغلقة في حين أن الفقراء لا دور لهم ؟"، فأجابها الرجل قائلا: "هذا الحي أهله أهل مشاكل، وكلهم عبيد جهلاء لا يستجقون شيئا"، فطلبت منه الناشطة أن يتراجع عن هذا الكلام الجارح، وأن يسجل الأسر الضعيفة بغض النظر عن لونها ! لم يعبأ الرجل لا بطلب التراجع عن تصريحاته العنصرية المهينة ولا بطلب تسجيل الأسر المحتاجة، بل وصفها هي نفسها بـ"لخويدم المنسوخه". و انهال عليها بالضرب فدافعت عن نفسها بصفة طبيعية
و بعد انتهاء العراك ذهبت فاطمه جمال إلى مخفر الشرطة لتقدم شكاية ضد الرجل الذي تبين حينها أنه شرطي يلبس زيا مدنيا و قد كرر نفس العبارات العنصرية الجارحة أمام ضابط الشرطة الذي عاقبه برفض تسجيل شكايته . فانطلق مسرعا إلى حاكم المقاطعة و حكى له القصة بطريقته الخاصة بعيدا عن الخصم . مباشرة اتصل الحاكم بوكيل الجمهورية الذي أمر بتوقيفها . فتم توقيفها رغم أنها قدمت إلى الشرطة معتبرة نفسها ضحية جاءت تطلب الإنصاف . وفي اليوم الموالي أحيل الملف بسرعة غير معهودة لدى الإدارة إلى الوكيل الذي لم يتردد دقيقة في الزج بالمناضلة في السجن، لتكون بذلك أول مناضلة حقوقية تدخل السجن دفاعا عن المظلومين و المقصيين المطحونين.
و نذكر هنا بأن رئيس قسم إيرا في عرفات مازال يقبع في السجن لمجرد كونه آزر مسكينة انتزعت منها قطعتها الارضية بعد ان منحت لها من قبلُ وأعطيت بضغط من جنرالات "مجموعة العلب" لإحدى بنات العمومة من الفئة الأكثر جظا في الظلم و الغبن و العنصرية، وها هي نائبته تلتحق به لسبب مشابه.
إن هاتين الحالتين تعبران عن ما يعيشه لحراطين في مقاطعتي عرفات وتوجنين من إقصاء وتهميش وإذلال، كما تعبران عن سيطرة قوى الظلام على كل مفاصل الحكم واستخدام الدولة لتصفية الحسابات وجعل البعض يستفيد على حساب البعض الآخر.. فلم تكن السيدة فاطمه جمال لتسجن لو لم تكن ناشطة من إيرا رغم ما قد تدعيه الشرطة التي لم يبق لها من دور إهانة المواطنين وقمعهم و سجنهم لسبب ولغير سبب. إن مبادرة انبعاث الحركة الإنعتاقية، إذ تؤكد كذب وزور التهم الموجهة إلى السيدة فاطمه جمال، تطالب بــ :
1- إطلاق سراحها دون قيد أو شرط، والتعويض لها عن الاضرار المادية التي لحقت بها وبأسرتها جراء هذا الإعتداء السافل والسافر الذي نظمه الحاكم وسدنته ضدها.
2- فتح تحقيق جاد في انتهاكات حقوق الإنسان في مقاطعتي عرفات وتوجنين على وجه الخصوص حيث يبدو التعايش بين الفئات الإجتماعية مهدد بتدخل السلطة دائما لصالح فئة معينة و تمكينها من الغلبة في أي نزاع، فيما تكون النتيجة الحتمية سجن مناضلين من إيرا...
3- تدخل المنظمات الحقوقية الوطنية والهيئات الدولية لحماية المواطنين السود في موريتانيا من عنصرية الدولة في ميناء الصداقة و أحياء الصفيح والأسواق ومناطق الترحيل.
انواكشوط في 08 فبراير 2014
المكتب التنفيذي