في صبيحة من عام 2008 فاق الشعب الموريتاني على جنرال - وبصحبة آخرين- قام باعتقال رئيس منتخب وجلس على الكرسي الذي لم يكن بعيدا عنه قبل ذلك بعامين حيث كان هو الحاكم الفعلي، وقد شهد الرجل كما الشعب أقوى وأشرس معارضة في تاريخ موريتانيا كان كل طرف فيها يصف الثاني بأنه الممثل الشرعي لـ[ أبي رغال ] حتى أُجبِر الجنرال بعد أكثر من عام على الجلوس والتوقيع على ما عرف باتفاق (دكار) وبموجبه تم إجراء انتخابات رئاسية جلس على إثرها الجنرال محمد ولد عبدالعزيز على كرسي الرئاسة بنسبة %52 ورفع شعاره المشهور "رئيس الفقراء" فهل كان الرجل فعلا رئيسا للفقراء؟ وهل حقق كل ما طرح في برنامجه الانتخابي؟ وهل سعى في تحقيقه أصلا؟ وهل شهدت موريتانيا من قبل فسادا كما شهدته في عهده؟ وهل أرسى قواعد الديمقراطية أم ثبَّت دولة العسكر؟ وفي المقابل ألم تكن إنجازات الرجل شاهد يُرى بالعين المجردة؟ ألم يحول البلاد إلى مصاف الدول المتقدمة؟ ألم يكن هو من يجر البلاد للأمام والمعارضة تجرها للوراء؟
كل هذه الأسئلة وغيرها تطرح للنقاش والبلاد مقبلة على انتخابات رئاسية قريبة ، سوف يقول الرجل ومن حوله في الدعاية الانتخابية لها ، أنه أنجز إنجازات كبيرة وسمك السماء التي كانت ستقع على الشعب الموريتاني ، ودفع عنهم خطر داهم ، وحارب الفساد بطريقة غير مسبوقة ، نرى ونسمع ذلك كثرا خاصة من أمثال الكاتب: محمد المختار ولد أحمين أعمر الذي يصنف نفسه كاتب من الطراز الخاص وهو فعلا كذلك فليته يعرف أن ما يقدمه هو الذم في ثوب المدح ، وإن سلمنا بحسن مقصده فنقترح على ولد عبد العزيز أن يفعل له ما فعل المتوكل بعلي بن الجهم حين قدم عليه وقال له :
أنـــت كالــــكــــلب في حفاظـك للـود @@@ و كالتيس في قراع الخطــــوب أنـــت كالــــــدلـــــو لا عــدمـــنـاك دلـواً @@@ من كبار الدلا كثيـر الذنـوب لكنه يحتاج قطعا أكثر من ستة أشهر حتى تجود قريحته بقول مثل: عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ ## جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري وَما كُلُّ مَن قادَ الجِيادَ يَسوسُها ## وَلا كُلُّ مَن أَجرى يُقالُ لَهُ مُجري فَسارَ مَسيرَ الشَمسِ في كُلِّ بَلدَةٍ ## وَهَبَّ هُبوبَ الريحِ في البَرِّ وَالبَحرِ فَتىً تَسعَدُ الأَبصارُ في حُرِّ وَجهِهِ ## كَما تَسعَدُ الأَيدي بِنائِلِهِ الغَمرِ وفي هذه العجالة نقف عند نقاط إيجابية بعيون المؤيدين ، وأخرى سلبية يراها المعارضون لتكون مدخلا للحوار حول حول "نجاح رئيس الفقراء في المأمورية الأولى" ويلخص المؤيدون إنجازات الرئيس في أمور تتمحور حول الآتي :
بقرار جريئ قطع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي المحتل .
لم يضيق سقف الحريات الذي وجده قبله وترك كلا يقول ما شاء .
عبَّدَ عدد من الكيلو مترات من الطرق في نواكشوط .
قام بتخطيط بعض المناطق في نواكشوط (الكزرات ) .
فتح جامعة ثانية على مستوى الوطن ( الجامعة الإسلامية في العيون ) .
وإن وقفنا مع المعارضين نراهم يقولون أن الرجل فشل فشلا أكثر من فشل صاحبه معاوية ،
وأن الفساد في زمانه وسوء التسيير وصل مراحل قياسية لم يصلها من قبل وبعضهم يقول بدلا من العموم حصر الفساد في الخصوص ويستشهدون بأقوال د/ الشيخ ولد حرمة ــ أختلف معه فكرا ومنهجا ، فمن امتلك سرا في وقت أمان ليس له أن يفشيه ــ ويقول بعضهم وشهد شاهد من أهلها ، ويحدثك المعارضون عن إخفاقات وسلبيات لا تنتهي بعضها مع سبق الإصرار والترصد وبعضها قد يكون من باب الخطأ البشري وأيضا يلخصونها في الآتي :
عدم الشفافية في القيادة وتكريس الرأي الواحد بشكل يوحي بأن البلاد بها رجل واحد وهذه روح فرعون .
أعاد البلاد للوراء بعد أن سارت على طريق التخلص من حكم العسكر ، وحذاء العسكر تطهره حماية البلاد والعباد وتدنسه أرضية وبلاط القصر الرئاسي .
أدخل البلاد في حرب مفتوحة مع عدو مجهول ( القاعدة في بلاد المغرب ) .
حارب طبقة من المفسدين كانت تعوث في الأرض فسادا وأنشأ طبقة أشرس وأقوى أنيابا .
بسوء التسيير أدخل البلاد في أزمات داخلية شملت كل القطاعات تقريبا والإضرابات والاعتصامات خير شاهد ودليل وخذ مثلا ( الصحة و التعليم ) .
وكل طرف من الأطراف يسوق الحجج والبراهين ويقول في دعم وجهة نظره ، مالم يقله مالك في الخمر وبين هذا وذاك يقف المواطن الموريتاني تتنازعه معرفته بالواقع ورغبته في أن يرى وطنه في مصاف الدول المتقدمة ، تحاول أحزاب سياسية يصعب حصرها أن تؤثر عليه بطرق منها الجهوي ومنها المادي ، ومنها ... ومنها ... وهو ليس بالغبي .. فقط يرجو من القوة السياسية الداعمة والمعارضة أن تكون منصفة فلا تروج بالباطل ، ولا تعارض بغير الواقع ، وتعلم أن التنابز بالألقاب لا يحل مشكلة الوطن والدعوة إلى حوار هادف أبلغ من الصراع وأفيد .