بدأ تعبير الحساسيات الشيعية عن نفسها يتخذ أشكالا ممنهجة تكشف الأهداف وتحيل إلى مراكز الإسناد الحقيقية التي تقف وراء هذا الحراك، ففي البداية كان هدف بكار ولد بكار المعلن هو إقامة حسينية بدار النعيم وكان مدفوعا بأيادي أمنية خفية لاستقطاب الاهتمام الإيراني الآتي إلى موريتانيا عبر السينغال.
وكانت لمبادرة بكار على ما يبدو أهداف مزدوجة فهو وسيلة لجلب مساعدات إيرانية وإقامة طعم أمني ووسيلة لتحقيق هدف إيراني بإذكاء النار الخافتة تحت رماد مخلفات الدولة الفاطمية بالمغرب وغرب إفريقيا، ولكن الأمور تطورت بسرعة فتم تفويج "حجاج" موريتانيين إلى كربلاء هذا العام بعلم السلطات، ودخلت جمعية آل البيت وغيرها من الجمعيات على الخط الطائفي، وبدأ التحضير لإيجاد حوزة شيعية نوقش موضوعها على مستوى أعلى هرمية شيعية في إيران، وأصبح هنالك حديث في بعض الأوساط الشعبية عن "الإمام الغائب" و"الإمام المغيب" و"الإمام المختفي" و"المهدي المتظر"، وعن آل البيت المتنكرين بالشمال الإفريقي هربا من بطش المشارقة.
ومرة أخرى تدخلت الأجهزة الأمنية وحاولت توظيف الموضوع في اتجاهات أخرى، فبدأت تدفع ببعض مشايخ الطرق الصوفية كالشيخ أحمدو يحيى ولد بلال في اتجاه تشيع لفظي ظاهره تمكين بعضهم من الخروج من "تقية" غامضة وباطنه توظيفهم وربما توريطهم في محاربة الاتجاهات الإسلامية السلفية الحداثية المتصدرة للحراك المطالب بالثورة والتغيير في غمرة الربيع العربي.
وفي هذا السياق تندرج دعوات بعض "مشايخ الشيعة" المطالبة بإجراء مناورات مع علماء السنة وخاصة الشيخ محمد الحسن ولد الددو، فهذه الدعوة فضحت المستور لأنه لا توجد طائفية في موريتانيا ولم توجد قط خلافات وكان العلماء هم العلماء فقط ولم تلصق بهم صفة السنية التي هي شرف لا يدفعونه وهي تحصيل حاصل.. كذلك إلى غاية اليوم لم يكن الإسلام الطرقي طائفيا ولم تكن تنقصه المرجعيات.
فلماذا إذا كل هذا التمذهب المتأخر؟ ولماذا التشيع؟ ولماذا الحسينيات والمرجعيات؟
يبدو أن وراء أكمة التشيع في موريتانيا ما وراءها من حسابات أمنية وإيرانية مزدوجة تحاول اللعب بأوراق في منتهى الخطورة في ساحة لا تتحمل العبث بنار الحقد الطائفي الديني.
الرأي المستنير