شكلت الزيارة التي أداها الرئيس التونسي منصف المرزوقي أواخر الأسبوع المنصرم لموريتانيا حدثا كبيرا، مكنه من الإلتقاء بمختلف الفاعلين السياسيين بما في ذلك أقطاب المعارضة الديمقراطية وزموزها البارزين، لكن بعض المتابعين للشان الوطني لم يستسيغوا استثناء باقي احزاب المعارضة الأخرى كالتحالف، حمام، الصواب، و حزب الوئام، من موائد المرزوقي ومحاضراته. هذا الغياب الذي بدى تأثيره واضحا على محيّا زعماء تلك الأحزاب، او "التغييب" كما يحلو للبعض أن يصفه ـ جعل الرأي العام الوطني يطرح تساؤلات عديدة حول الأسباب التي جعلت الرئيس التونسي يطلب لقاء بعض أحزاب المعارضة ويستثني البعض الآخر، أم أن النظام أراد ذلك..!خصوصا إذا ما علمنا بأن للأخيرة كبير الفضل في التقليل من الإحتقان الذي شهده المشهد السياسي الموريتاني منذ مدة ليست بالقصيرة، وهذا ما يزيد الإستغراب بالطبع.. فهل من المنصف أن تجد أحزاب:"الوئام ، الصواب، التحالف وحمام "، والتي تعتقد بأنها نأت بالشعب الموريتاني عن الإنسداد السياسي وحصنته من الإحتقان و الفوضى عن طريق مشاركتها في حوار سياسي قطع الطريق أمام جميع الإحتمالات الأخرى التي لا يريد النظام أن يجربها، نفسها ـ بين ليلة وضحاها ـ خارج دائرة التطورات، وهي من خدم النظام بعد ان آمنت بالحوار والنقاش بوصفه الحل السحري للخروج بهذا البلد إلى بر الأمان، أم أن لقاء المرزوقي بتلك القيادات مجرد بادرة حسن نية من النظام لتاكيد سعيه للمصالحة والحوار ..!! ترى تلك الزعامات إن تغييبها متعمد ونابع من إرادة سياسية بحتة استثنت وأقصت أكثر معارضيها مرونة في المواقف، وأقربها لنهج الحوار والديمقراطية، لكن مهما كانت الأسباب فإن الرأي العام الموريتاني اليوم لا يخفي حيرته إزاء هذا الغياب أو التغييب، الذي بات حديث الصالونات والأماكن العامة وحتى المكاتب وروادها، لتضع بذلك علامات استفهام حول أهمية الحوار بالنسبة لبلد يجمع ساسته ومثقفوه أن داءه أزمة سياسية متجذرة وأن دواء تلك الأزمة هو اللجوء إلى الحوار الهادئ والمسؤول الذي يرى بيجل ولد هميد وعبد السلام ولد حرمه ومسعود ولد بلخير ومحمد ولد لكحل أنهم أمسكوا بزمام مبادرته بدلا من التصعيد والتعقيد والانزلاق بالوطن إلى متاهات المجهول.
آتلانتيك ميديا