بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم فوجئنا -ونحن في خضم "العرس الانتخابي" الذي تعيشه البلاد في هذه الأيام والذي لا ينغصه ولا يعكر صفوه سوى بعض التصرفات الهمجية التي تقوم بها فسيفساء الظلام من المشاغبين- بصدور بيان نسب تقولا وبهتانا فيما نحسب إلى مكتب رابطة العلماء في ولاية لعصابة برئاسة فضيلة الإمام محمد يسلم ولد اح (قريب مرشح الاتحاد "بوصفيه"). وقد تضمن البيان المذكور دعاية صريحة لصالح المرشح وألبست تلك الدعاية لبوسا شرعيا ليس مفصلا عليها ولا لها فأظهر بذالك عورتها وعرَّى زيفها "فرب كاسية عارية ". فما كان من إدارة الحملة المشبب بها وبمرشحتها علنا ممثلة في المدير الأستاذ: محمد فال ولد عبد الله إلا أن ردت ردا مسؤولا ومؤدبا، فلم تتهم أحدا ولم تجرحه؛ بل بينت العوار الكبير الذي شان الفتوى بعد استئصالها من نسبها المزعوم حتى لا يفهم من الرد أي تعريض بأحد سيما بالأئمة الكرام. ثم فوجئنا ثانيا -وتلك أدهى وأمر- برد من إدارة حملة الاتحاد على البيان المسؤول كشف حقيقة تلك "الفتوى" ومنبتها المسيَّس، وأنبه هنا في هذا المقام على بعض الملاحظات التي استوقفتني في دفاع الحزب المذكور على "الفتوى" المسيسة: 1. إن اندفاعكم نحو المواجهة وصبكم للزيت على النار أولا وثانيا في مواجهة أقلام التواصليين النيرة هو – لعمري - أشبه بمن يرمي بيوت الناس بالحجارة وبيته من زجاج. إنكم تستطيعون أن تزوروا الانتخابات وتشتروا ضمائر الناس وذلك – طبعا - في ساحة العامة والدهماء، ولكن هيهات هيهات ان تظنوا أنكم اغترارا بما قد تحققونه من مكاسب مادية في تلك الساحة يمكن أن تُخَلِّطُوا على أهل الفكر والتنوير وفرسان الأقلام بتهجم أقلامكم الفاترة عديمة الحبر والقرطاس على التواصليين فرسان ميدان الفكر والثقافة؛ 2. إنه لمن العجب العجاب أن توجه تهمة شراء الذمم بأموال الفقراء والمساكين لأهل "تواصل" فمن الذي يشهد القاصي والداني على شرائه للذمم جهارا نهارا، واستغلاله كل الوسائل العامة والخاصة في ذلك ترغيبا وترهيبا؟ وأي منا المؤتمن على حقوق الناس عامرة ذمته - بحكم موقعه ومسؤوليته - بأموال اليتامى والمساكين والأرامل وغيرهم من كل شرائح المجتمع. وبالتأكيد فالجواب "يعرفه الذئب شرق ولاته" (رمتني بدائها وانسلت)؛ 3. إن إنكاركم لبعض الحقائق التي قد تضمنتها "فتواكم" المسيسة ليس من باب - الرجوع إلى الحق والاعتراف بالخطأ - بل من باب إنكار الحقائق والتلاعب بعقول الناس، فطفقتم تناقضون أقوالكم السالفة، ولعله بسبب إيحاء من ولي نعمتكم المرشِّح في دوائر عديدة لنساء في مواجهة رجال من الأحزاب الأخرى فالفتوى لا تخدمه طبعا، إلا إذا قصرت على محل صدورها -كما أرتم لها-، لكن تبين لاحقا أن الرياح جرت بما لا تشتهيه السفن. رام نفعا فضر من غير قصد ومن البر ما يكون عقوقا 4. إن البيان قد تضمن خطأ آخر يساوي إن لم يكن أعظم ذلك الذي تبرأتم منه ألا وهو الغمز في أنساب الناس وأعراضهم، ألم تسمعوا يا هؤلاء بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر -لما عير بلالا بقوله يا ابن السوداء-: "إنك امرؤ فيك جاهلية". وبقوله لما استند بعض أصحابه يوما إلى عرقه وعشيرته فقال موجها له ولغيره "دعوها فإنها منتنة" ومن الاقتداء بالسنة أن نقول لكم في هذا المقام "دعوها فإنها منتنة". وفي أدبنا العربي ما يشفي ظمأ الغليل في هذا المقام كقول الشاعر: الناس من جهة التمثيل أكفاء فإن يكن لهمُ في أصلهم شرف
وقول الآخر: كن ابن من شئت واكتب أدبا إن الفتى من يقول ها أنذا
وقول الآخر: لعمرك ما الإنسان إلا بدينه لقد رفع الإسلام سلمان فارس أبـــــــوهـــــمُ آدم والأم حـــواء يفاخرون به فالطين والماء
يغنيك مضمونه عن النسب ليس الفتى من يقول كان أبي
فلا تترك التقوى اتكالا على النسب وقد وضع الشرك الشريفَ أبا لهب
خامسا وأخيرا: إنكم التزمتم في ردكم الأخير بمبدء "الإيجابية" والأسلوب "الحضاري" وإن هذا الرد في نظري ليتضمن أسلوبا يتنافى مع مبدء "الإيجابية والحضارة" لاتهامه الناس في أغلى ما لديهم وهو دينهم الذي يعتزون به ويفخرون، وأخشى على من يفتتح كلامه بهذا الالتزام الإيجابي لو تقيد به - طبعا - ثم يكيل لشركائه التهم جزافا أن يكون في واد والحضارة وأهلها في واد آخر. وتقبلوا فائق التقدير والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.