منذ نهاية حوار 2011 تطلع السواد الأعظم من الموريتانيين إلى حصول الظروف المناسبة لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة تساهم في إخراج البلاد من أزمتها السياسية المستفحلة منذ 2008. ورغم أن كل القرائن والأدلة التي توالت منذ انتهاء الحوار كانت مخيبة للآمال في هذا الصدد، بدءا من التملص السريع من روح الحوار وهي الشراكة السياسية في البحث عن حلول المشاكل الكبرى واستباق الأزمات الوطنية وانتهاء بضعف اللجنة المستقلة للانتخابات وتواضع مهنية أطقمها التي اختارت، وقابليتها السهلة للخضوع للدوائر القديمة التي تعودت على التلاعب بأصوات الناخبين وتزوير الاقتراع، وكان جوهر حوار 2011 هو تنظيف المجال الانتخابي منها ومن تأثيرها .
وفي هذا السياق شكل اقتراع 23 نوفمبر2013 خيبة أمل كبيرة في مسار كان الموريتانيون يتوقعون منه تحسنا في وسائل انتخاب ممثليهم، فإذا بهم يتقهقرون إلى ممارسات لم تعرفها أسوء مراحل التلاعب والتزوير الانتخابي الذي عرفتها البلاد منذ أول انتخابات بلدية 1986. وإذا كان التدخل السافر للدولة وسلطاتها المالية والأمنية ومؤسساتها السيادية قد وصل حدا فاق كل التصورات فإن ذلك، على فداحته، ما كان ليوصل الأمور إلى ما وصلت إليه لولا وجود لجنة جمعت كل المساوئ المنتظرة من هيأة إشراف وتنظيم على الانتخابات، هي اللجنة (المستقلة) التي ظلت منذ تأسيسها تتصرف كليا أو جزئيا خارج القانون المنشئ لها وقوانين الإشراف المعهودة على الانتخابات:
فلأول مرة تقوم هيأة إشراف على انتخابات بقبول وطباعة شعار انتخابي واحد لحزبين، وتبعث بالبطاقة الانتخابية الموحدة دون إطلاع المعنيين عليها قبل طباعتها
ولأول مرة يكلف أشخاص عديمي الخبرة بل أميون أحيانا بالإشراف على مكاتب التصويت.
ولأول مرة يتم فرز الأصوات دون كتابة محاضر ودون تمكين ممثلي الأحزاب من معرفة النتائج الكلية في مكاتب التصويت.
ولأول مرة تمضي نتائج الانتخابات أكثر من عشرة أيام دون إعلانها وتخضع للتلاعب والتعديل المتلاحق حسب رغبة الجهات النافذة سياسيا وامنيا، محليا وفي كل مفاصل الدولة، ويتم ذلك على شكل فوضى عارمة حولت كل نقطة من نقاط البلد إلى شرارة لفتنة واقتتال داخليين.
لقد كنا في حزب الصواب في مقدمة المتضررين من عدم حياد وعدم نزاهة وعدم مهنية اللجنة المستقلة حين فرضت علينا خوض الانتخابات بشعار يشاركنا فيه حزب آخر، وكان هذا العمل المخالف للقوانين والأعراف محل طعن و شكاية تقدمنا بها أمام الغرفة الإدارية في المحكمة العليا في اليوم الأول لانطلاق الحملة، إذ وجدنا أنفسنا في ذلك الحين بين خيارين: خيار مقاطعة عملية لا تحظى هيأة الإشراف عليها بأدنى حدود الثقة من جانبنا أو المضي في مسار شاركنا في وضعه وكنا من المتحمسين لنجاحه ونسعى وراء كل بصيص أمل يمكن من ذلك مهما كانت النتائج .
وعليه فإننا في الحزب، وتمسكا بالمنهج الديمقراطي، نؤكد:
رفضنا للنتائج المعلنة التي لم تحترم فيها قواعد الشفافية ولا ابسط الضوابط القانونية الحاكمة للعملية الانتخابية، ولأنها كانت نتائج خضعت لكل أشكال التلاعب لذا جاءت غير معبرة عن الإرادة الحقيقية للشعب الموريتاني.
مطالبتنا بحل اللجنة المستقلة للانتخابات ومتابعة المتورطين من عناصرها في التلاعب بالنتائج قضائيا.
إعادة فرز النتائج التي تم الطعن فيها.
مطالبتنا القوى الوطنية الحية إلى مشاركتنا في الرفض و التعبير عن ذلك في موقف جماعي يعيد إلى مسارنا السياسي بقية من روحه التي راهنت عليها مختلف القوى السياسية الوطنية.
القيادة السياسية
نواكشوط: 07/12/2013