لقد أصبح من الواضح جدا بأن "انتخابات 23 من نوفمبر" قد أدخلت البلاد في حالة شديدة من الارتباك، هذا فضلا عن كونها قد أظهرت للمشاركين فيها من قبل المقاطعين، مدى التخبط والعجز البين الذي تعاني منه اللجنة المستقلة للانتخابات.
إن هذه الانتخابات التي جرت في ظروف غير توافقية، و التي غابت عنها أحزاب معارضة وازنة، لم يكن أمامها إلا أن تستنفر القبائل بدءا بإعلان الترشحات، ومرورا بالحملات الانتخابية، و ليس انتهاء بالتصويت لتعويض ذلك الغياب وعدم التوافق، وهو الشيء الذي أدى في المحصلة النهائية إلى إدخال البلاد في هذه الوضعية المربكة التي تعيشها منذ أيام. لقد أصبح واضحا بأن محاولة النظام للتغطية على عدم التوافق، وعلى غياب أحزاب وازنة قد أدت في النهاية إلى شحن قبلي غير مسبوق، لاشك أنه ساهم في الاحتفاظ بنسبة مشاركة معقولة، إلا أنه في المقابل قد وضع أمن البلاد واستقرارها على كف عفريت.
ولقد زاد الوضعية سوءا التأخر الغير معهود في الإعلان عن تلك النتائج من طرف اللجنة المستقلة للانتخابات، حيث أصبح لدى الكثير من المترشحين نتائجه الخاصة به، والتي تقول بفوزه، وهي نتائج لم يعد يقبل لا هو ولا أنصاره من القبيلة والعشيرة بغيرها، ولذلك فقد أصبح إعلان النتائج من طرف اللجنة المستقلة للانتخابات في ظرفية كهذه يشكل مخاطرة كبرى بأمن واستقرار البلاد، وربما يؤدي ـ لا قدر الله ـ إلى فوضى عارمة، وإلى تصادمات في أكثر من دائرة انتخابية بين المتنافسين الذين أصبح كل واحد منهم يدعي بأنه هو الفائز الحقيقي. ونظرا لخطورة الظرفية، فإني أتقدم إلى الحكماء السبعة بهذا النداء العاجل، بل والعاجل حدا، وذلك لأطلب منهم أن يتحملوا مسؤولياتهم، وأن يتصرفوا بحكمة في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ البلاد، وأن يعلنوا صراحة عن فشلهم في تنظيم الانتخابات، وعن استقالتهم، بدلا من التمادي في مغامرات غير محسوبة، وإعلان نتائج لن ترضي بالتأكيد كل القبائل والعشائر، وربما تؤدي إلى صراعات ونزاعات في أكثر من مدينة وقرية من مدن وقرى البلاد.
على الحكماء السبعة أن يعلموا بأن إعلانهم الآن لنتائج انتخابات 23 من نوفمبر، بعد أن تأخروا كثيرا في إعلانها، قد أصبح يشكل مخاطرة كبيرة بأمن واستقرار البلاد. ولنا في بعض الدول الإفريقية عبرة..
حفظ الله موريتانيا..