ليس غريبا أن يمتطي فارس من فرسان الكلمة قلمه ويتدثر بما حباه الله من البيان والبلاغة مُستخدما في سُرجه معجما قرآنيا يورد معانيه ودلالاته في غير موردها ، تارة يصف من يدافع عنه بالإمام العادل وتارة بالرجل الأمين.
المستغرب - حقيقة - أن يعلن الأستاذ الدكتور الشيخ ولد حرمة ولد ببانا - الذي طالما اكفهرّ في وجه منسقية المعارضة واصفا قادتها أيام ثورة الربيع العربي بأنهم يُغردون دوما خارج السرب وأنّهم غوغائيون ’’ بعد هذا كله يعلن تخليه عن محمد ولد عبد العزيز وتغيير مساره السياسي إلى وجهة لا يرى فيها محمد ولد عبد العزيز الذي دبج فيه مقالات رُصعت وزُينت بأهازيج عجز المتنبي أن يمدح بمثلها سيف الدولة الحمداني.
لقد غيّر ولد حرمة مساره السياسي وغيّر بوصلة قلمه المزبر وأصبح رجلا آخر حمله عزّ وطنه وأمته إلى إرشاد الناس مُعلنا توبة وقطيعة ونكوصا عن ما سلف من خطب ومواعظ وابتهالات عجز الأقدمون عن مُجاراتها ومُعارضتها جاءت في المنصور بنصر الله والحاكم بأمر الله محمد ولد عبد العزيز.
بعد كل هذا الرصيد السياسي ترجل الفارس عن صهوة جواده وسقط مُدرجا بمداد قلمه وأصبح فارس الأمس ناصحا أمينا للقطيع الذي تفكك بسبب غزواته وحملاته ، لقد تفكك قطيع المنسقية وأصبح حكاية أخرى من حكايات ألف ليلة ولية .
ونحن هنا نقول هل يسمح لنا الفارس الذي لا يشق له غبار والخطيب المغوار أن نحاكم ولد حرمة بولد حرمة ؟ لسنا مُدافعين -هنا - عن منسقية الفشل التي أصبحت الهجرة إليها دربا من دروب الخيال وسمة من سمات الخبل.
دافعنا هو ما قاله ولد حرمة عن نفسه في مقاله - الجديد - " نحن والمسار الحانوتيّ " لم أكن من السياسيين الذين لا يكتبون للرأي العام لتوضيح رؤيتهم وأفكارهم.. فاحترام السياسي لمواطنيه يجب أن يترجم أولا في أن يكتب لهم رؤاه حتى يستفيدوا ويشكل لهم رافعة، أو يصوبوا ما كان من أرائه خطأ، إنني لا أحب السياسيين الذين يكتفون بالبوق ويبتعدون عن القلم ، القلم وثيقة تاريخية لنا أو علينا.. أما اليوم فإننا نشاهد ميل كثير من السياسيين نحو "الطاووسية"، إن صح التعبير، وهي الحرص على تقديم صورة شاشاتية ترويجية كاذبة في أغلب الأحيان، وفيها الكثير من التكلف والتطبع والتنطع والتمظهر الكاذب.
بعد اطلاعي على موشحات ولد حرمة تلخصت لدي نقاط أردت إيرادها حتى يتمكن القارئ -الكريم - من معرفة الأستاذ الدكتور ولد حرمة قبل وبعد مساره الجديد.
ثقافة التبرير عند ولد حرمة:
إنّ ولد حرمة نفسه الذي كان يتهجم على منسقية المعارضة يَجد - اليوم - لنفسه مخرجا من عنق الزجاجة الذي دخله أيام الترغيب والترهيب الذي يستخدمه محمد ولد عبد العزيز مع خصومه ومحبيه، هاهو يتربع على أريكته قائلا " اليوم، وموريتانيا تمر بالظروف الحالية، وهي لا تحتاج للشرح ولا للتشريح ولا التأطير و لا التكييف أو التعليل، لأنها واقع ماثل للعيان، يراه الجميع ويسمعه، إلا من كان به صمم بصيرة، اليوم أجدني مضطرا بل ومطالبا بتوضيح وجهة نظري"
إنّ هذه الثقافة التبريرية تجعلنا نقول ما الذي تبين لولد حرمة وانكشف له بعد أن أعلن كل حزب سياسي ترشيح مرشحيه وحدّدت الحكومة موعدا لإجراء الانتخابات ؟ هل السبب هو أنّ ولد حرمة كان راجيا شيئا في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ولم يلبيه له أم أنّ المنسقية التي جعل منها مسرحا للكر والفر وعدته بمغفرة ما سلف وأصبحت قبلة أخرى لكل من لم تلبى له مطالبه ؟ وبمنطق ولد حرمة قبل أن يغير مساره نقول لولد حرمة بعد أن غير مساره ما قاله في مقاله " المنسقية وثورة الببغاوات " نعود للمبررات السياسية، ما هو البديل عن الحكم الحالي هل هو منسقية أحزاب المعارضة العاجزة عن تسيير أحزابها وتأمين التناوب السلمي داخلها، ما الذي يفتن المواطن الموريتاني ويغريه بتسيير مسؤولي المعارضة الحالية الذين كانوا وزراء ومسؤولين للأنظمة البائدة التي أهلكت الحرث والنسل، وعاثت في الأرض فسادا، ولا تزال أوراق فسادها تتساقط، هل قدمت منسقية المعارضة الموريتانية برنامجا مقنعا للشارع الموريتاني، ضم خططا اقتصادية واجتماعية وسياسية؟ ماذا قدّمت غير برنامج الهجاء والسباب و الشتائم، والدعوة لإسقاط النظام؟ و كأنّ هدم البئر هو الحل السحري.
بهذا المنطق السفسطائي نقول لولد حرمة ما هو البديل عن الحكم الحالي !!!
ثقافة الإطراء في قاموس ولد حرمة:
لقد استحدث الدكتور ولد حرمة نظاما جديدا أدخله في قاموس السياسة الموريتانية، ذلك أنّه اتخذ شرعية من الشرع وأضفاها على شخص الحاكم بأمر الله محمد ولد عبد العزيز، وبهذه الشرعية يجد الحاكم بأمر الله حصانة من الشرع .
قال في مقاله المنسقية وثورة الببغاوات " محمد ولد عبد العزيز من أكثر حكام البلاد إسلامية وخدمة للدين، فتح إذاعة القرآن الكريم، أمر بإنجاز مشروع "مصحف شنقيط"، أمر بإنجاز بناء أكبر مسجد في تاريخ البلاد، أسس أول جامعة إسلامية موريتانية (جامعة شنقيط)، أمر بتمويل المحاظر، خصص مرتبات للأئمة، أمر بترقية التعليم الأصلي ورعايته، والسهر على بيوت الله وحرمتها ورعاية العلماء وخدمة الحجيج، أوفد بعثات الدعوة للدول الخارجية، طرد الصهيونية من بلاد المنارة والرباط، فعل العمل الإسلامي على الصعيد الداخلي والدولي، ومعروف بشهادة الكثيرين أنه يصلي جل أوقاته في المسجد، ومعروف بتدينه وحبه للدين ولكل ما ينصر الدين"
إنّ هذا الأسلوب السياسي المبتكر جعل فقهاء وزارة الشؤون الإسلامية يجدون أنفسهم محرجين، ذلك أنّهم عجزوا عن إدراك هذه المعاني السامية في بروتوكولاتهم التي يستحدثون بها وظائف ذات صبغة شرعية ومن خلالها أصبحوا يمتلكون جرأة وحجة.
ونقول - أيضا - هل غيّر رئيس العمل الإسلامي إسلاميته وتحول من رجل محافظ على الصلاة في أوقاتها إلى شيء آخر جعل ولد حرمة يقلب ظهر المِجن لحليفه الذي طالما ما أمّه وقصده في محرابه السياسي؟ ونتساءل - كذلك - ما الذي حدا بولد حرمة في هذا الظرف الحرج إلى التخلص من غريمه الذي سكب ما لديه من حبرٍ في الثناء عليه وإطرائه ووصفه بألقاب تصل إلى مرتبة الخلفاء الراشدين إن لم تتجاوز مرتبة النبوة أم أنّ الأول تخلص - حقيقية - منه يوم أقاله من وزارة الصحة؟
وفي مقاله "منسقية المعارضة.. وأذان الديك " يعدد ولد حرمة إنجازات القائد المفدى والمنصور بنصر الله بقوله " لم يتوان الرئيس محمد ولد عبد العزيز ولم يركن لكونه رئيسا منتخبا بأغلبية ساحقة في الشوط الأول، فقد أمضى قرابة ثلاث سنوات وهو يدعو للحوار مع كامل الاستعداد لكل نتائجه، وفوق ذلك باشر تنفيذ عقده الأصلي مع الشعب الموريتاني الذي انتخبه فأطلق أكبر مسلسل مشاريع في تاريخ البلاد، أنجز خلاله في عامين ما لم تنجزه الأنظمة الموريتانية مجتمعة في مجالات المياه، الكهرباء، الطرق، الإسكان، الصحة، الاستثمار،... إلخ. 500 مشروع مائي في البلاد.. مضاعفة البنية التحتية الصحية، إسكان أكثر من نصف مليون موريتاني عبر توزيع الأراضي على ما يناهز 200 ألف أسرة في نواكشوط وانواذيبو وروصو وترمسه وانبيكت لحواش، والشامي ومثلث الأمل، تشغيل 30 ألف موريتاني، تسليح الجيش، أول حالة مدنية مؤمنة في تاريخ المنطقة، تطهير موريتانيا من كتائب القاعدة والإرهاب والهجرة السرية وشبكات التهريب، مواجهة الإرهاب في دول الجوار، أليس هدير طائراتنا الحربية وغاراتها التي دمرت ما يسمى ب"الملاذ الإقليمي الآمن للقاعدة في شمال مالي"، دليلا على قوة الجيش الموريتاني بعد أن أمضى الرؤساء السابقون 32 سنة في تجريده من السلاح، لصالح من؟.. شركات نقل بري وجوي، مطارات، وموانئ، وصناديق تمويل لتشغيل الشباب، ومدن تنبثق من الرمال، استثمارات معدنية هائلة، وعلاقات دولية وإقليمية ممتازة.. حيث يجوب وزير خارجيتنا العالم من نيويورك إلى طهران وباريس..
وكان أي وزير خارجية موريتاني منذ السبعينات لا يعرف إلا حدود مبنى وزارته، سمعة دولية ممتازة، وتحكيم موريتانيا و وساطتها في نزاعات إقليمية شائكة، هكذا يعمل الرئيس ولد عبد العزيز، هكذا يفكر، هكذا يخطط، وهكذا ينفذ.. فما الذي يريده هؤلاء"الزعماء" الخاسرون للانتخابات، أعوذ بهم أن يكونوا خاسرين كذلك للضمير"
ولنا وقفة مع الأستاذ الدكتور ولد حرمة في فقرة الانجازات هذه.
أبعد هذه الإنجازات العملاقة التي عدّدتها فماذا بعدها يمكن أن ينجز ويذكر في بلاد السائبة هذه ؟ وهل حقا هذه الإنجازات لامست الواقع أم أنها مُجرد أحلام يقظة تنبأت بها ؟ إنّ هذه الإنجازات لم يتحقق منها إلا النزر اليسير وما تحقق منها يبقى دون الحدّ المطلوب.
ويقول أيضا في مقاله منسقية المعارضة.. وأذان الديك مدافعا عن ثروة الحاكم بأمر الله " في كل تجمع نسمعكم تتحدثون عن ثروة الرئيس.. وددنا لو قدمتم لنا دليلا واحدا أو قرينة على ما تدعون.. إن ثروة الرئيس أكبر من ذلك.. أكبر مما لا يتجاوزه هوسكم المرضي بصفقة وعمولة.. ثروته هي الشعب الموريتاني ووطن اسمه موريتانيا ومصالحه.. ولو كان يبحث عن المنافع لكان تقاسم معكم الحصص حين عرضتهم أثمنها في وقت تعلمونه.. ثروته هي عمله لوطنه وشعبه وإنسانيته وقبل كل شيء خوفه من الله وفي الله تعالى وخدمته للدين بطباعة مصحف شنقيط، وفتح إذاعة القرآن، وإنشاء أول جامعة إسلامية شنقيطية، والأمر ببناء أكبر مسجد في تاريخ البلاد.. و تسييره لبعثات الدعوة والإرشاد إلى الدول الخارجية، وموقفه مع المقاومة العربية في فلسطين ولبنان وطرده لإسرائيل، ومداواته ومسحه لدموع يتامى وأرامل بطش أنظمتكم الغابرة، وتعليمه لقبور ضحاياكم، وإغاثته للاجئي الجوار.. ومده يد العون للملهوفين.. ومرة أخرى نسمع هجوما على قبيلة بعينها، وماذا يعني الرئيس ولد عبد العزيز في هذه القبيلة أو تلك.. إنها عقليتكم القبلية، فموريتانيا الكبيرة هي قبيلة الرئيس وعائلته وكل شيء بالنسبة له.. أما غير ذلك فهو مستوى خطابكم"
يلاحظ المتابع لكتابات الأستاذ ولد حرمة أنها نسخ مكررة وخاصة جانب الإطراء منها ، لا لكونه لا يمتلك قدرة في استنطاق اللغة وإنما حضور الصور النمطية والشخصية الكاريزمية العزيزية في ذهنه دائما ويتجلى هذا في مقاله المنسقية تحقن الخيول الخشبية حيث قال " لقد اخترتم منذ هزيمتكم المدوية في الانتخابات الرئاسية 2009، أسلوب المرجفين في المدينة.. إرجاف المدن زمنه ولى.. انواكشوط، وكل مناطق البلاد، ورشة للتغيير والبناء والإصلاح والحوار والانفتاح والأمل والحلم... وقبل كل شيء الشجاعة والقدرة على الفعل الخلاق، والعزم الفولاذي الذي لا يلين في سبيل تحديث الدولة وبنائها، بعيدا عن سوق المساومات الضيق. في نواكشوط فارس لا يخضع للإرجاف.. واهم من يتصور أن "رجل لا للصهيونية.. لا للفقر.. لا للقاعدة..".. يمكن أن يخذله الشعب الموريتاني الوفي الأبي.. رجل مصحف شنقيط، ومسجد شنقيط.. وإذاعة القرآن.. وتكريم العلماء، رجل الانفتاح والحرية والتسامح والبناء.. فلا ترشقوا بسهامكم اللفظية وجه الشمس.. وإياكم والخيول الخشبية التي يزيـّن لكم الوهم ركوبها.. فهي لن تتحرك، ومهما حقنتم فيها من دماء الألفاظ المنحطة فهي لن تستطيع الوقوف... أما قطار الإصلاح فيواصل مسيرته المظفرة، لا يلوي على أحد...فلا يفوتنكم الركب، فلا تفوتنكم الفرصة... تخلوا عن شيطانكم وبادروا إلى مسيرة التحدي، مسيرة بناء الدولة الموريتانية.
وهنا أتساءل بعد أن تغير مسار ولد حرمة هل عاد إليه مارد المنسقية وأصابه ما أصابهم وتخلى عن قطار الإصلاح ؟
المعارضة والفساد الوظيفي في قاموس ولد حرمة:
لقد شخّص ولد حرمة - وهو الطبيب الماهر- الحالة المرضية التي يعاني منها أغلب ساسة المنسقية وبين حقيقة ما يعانونه بقوله في مقاله المنسقية وثورة الببغاوات " أحزاب تعتنق فكر ما وراء البحار والقارات ونظريات مقبورة فشلت في بلدانها الإلحادية فكيف بها في أرض المنارة والرباط.. بلاد القرآن والديوان، مجاميع من كبار موظفي الأنظمة السابقة التي أهلكت الحرث والنسل، لم يجرؤ أي منهم على الاعتذار للشعب الموريتاني عن مشاركته في الفساد والإبادة والقمع والإفلاس الأخلاقي.. و إذا بهم اليوم يخرجون في الناس خطباء ومصلحين ومناضلين و مجاهدين.. ولا تزال رائحة فسادهم تزكم الأنوف" .
والسؤال الذي يطرح نفسه وبإلحاح من هو الطبيب الماهر الذي سيشخص لنا الحالة النفسية التي يمرُّ بها ولد حرمة في هذه الآونة ؟ وهل سببها بقاؤه - وحيدا - دون أن يجد لنفسه موطئ قدم عند الحاكم بأمر الله والمنصور بنصر الله محمد ولد عبد العزيز أو عند منسقية الببغاوات؟ ثمّ أليس من حق منسقية المعارضة توجيه نفس التهم التي وجهها إليها بتوجيهها وما وزارة الصحة عنها ببعيد.
الاستحضار الذهني للقرآن الكريم في كتابات ولد حرمة ضد خصومه السياسيين:
حاول ولد حرمة في مقاله المنسقية تحقن الخيول الخشبية أن يجعل مُقدمته مشحونة بآي الذكر الحكيم ناسيا أو متناسيا السياق الدلالي للنص القرآني وأوجه علاقته بمنسقية المعارضة التي خرجت مُطالبة بما تراه ’’ حقا مسلوبا ’’ تريد استرجاعه وإيراد الأحكام الشرعية فيها يدعونا إلى القول بأنّ الخلاف السياسي ’’ القائم على الاجتهاد النظري يجب أن يتقبله الجميع برحابة صدر، ذلك أن لا دليل من الكتاب أو السنة حدّ مفهوما للسياسة ، بل إنّ النبي عليه السلام ترك الناس وشأنهم حتى لا يحرجهم أو يشقّ عليهم فيما يتعلق بمن يختارونه لصيانة أمور دنياهم، والقول بغير هذا تحميل للنص ما لا يتحمل وتجاسر على كتاب الله وسنة نبيه.
حاول ولد حرمة في هذا المقال أن يكمّم أفواه زعماء منسقية المعارضة بنصوص شرعية عامة ينسحب عليه -هو- ما ينسحب عليهم، ولا أدري هل غابت هذه المعلومة عن ذهنه أم لا؟ ذلك أنّ القيام بالقسط - مع من نحب ومن نكره - يستلزم منا أن نقول : قول الباطل لا يجوز بحال سواء في مدح الحاكم بأمر الله أو ذمه!
كاريزمية ولد عبد العزيز وفولاذيته في ذهن ولد حرمة:
إنّ شخصية محمد ولد عبد العزيز قد تكون الأولى في ذهن ولد حرمة ، ذلك أنّ حضوره طاغ في كل مقالاته وهذا جعل أكثر المتابعين لكتابياته أصبحت لديهم نظرة تلقائية عن كل ما يكتبه ويمليه، ومن مظاهر طغيان كاريزمية ولد عبد العزيز قوله في مقاله فاتورة الرأي الداعم " الحقيقة أني قد أدركت حاجة الوطن إلى الاستقرار كأساس لا غنى عنه لكل تنمية وتقدم، ونظرت في إنجازات من قدر لهم أن يديروا دفة الحكم في هذا البلد على مدي أزيد من نصف قرن من الزمن، وقارنت بعين المتجرد من الأهواء ما تم تحقيقه مقارنة مع ما كان يمكن أن يتحقق سواء على مستوى الإرادة أو على مستوى التطبيق فوجدت الفرق الواضح بين مرحلة ما قبل 2008 و ما بعدها و وجدت لزاما علي أن أكون مع الحق حيث كان. فلما علمت الحق أبت إليـــهم وإن من الحق الرجوع إلى الحـــــق لقد شهدت بلادنا قرابة 12 انقلابا في ظروف متباينة لا مجال للخوض فيها وكانت كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى جاء التغيير الحقيقي ومع ذلك لم يسلم من معارضة ومواجهة لكن صدق نية القائمين عليه و وضوح رؤيتهم وجلوسهم إلى مائدة المفاوضات بددت تخوف المعارضين وتداعى الجميع إلى انتخابات رئاسية أشرفت عليها المعارضة نفسها وأدت في النهاية إلى فوز الرئيس محمد ولد عبد العزيز واعتراف المعارضة بنتيجة الانتخابات. ألا يشكل ذلك مكسبا وطنيا نفيسا وجبت صيانته و المحافظة عليه والتأسيس عليه من أجل انطلاقة تاريخية صحيحة تخرج البلد من واقعه الأليم بجهد جماعي بدل الزج به في مغامرة جديدة بحثا عن بدائل غير مضمونة ولا محمودة العواقب سترمي بالبلد لا محالة في غياهب المجهول و تعيدنا إلى مرحلة "ما قبل التاريخ"؟ أيهما أقرب إلى واقعية الإصلاح إذا كانت معارضتنا ناصحة؟ صيانة و بلورة مكسب الأرضية المتاحة أم انقلاب ثالث عشر؟ أليس حفظ الموجود أولى من طلب المفقود؟"
ومن مظاهر الكاريزمية العزيزية في ذهن ولد حرمة ما قاله في مقاله لماذا يتأرنب الأسد؟
"هكذا تم بفضل الإرادة الصادقة و العزيمة الفولاذية للرئيس محمد ولد عبد العزيز قلب الصورة للوضع العسكري و الأمني من تلك الصورة القاتمة الحالكة إلى صورة ناصعة تسر الناظرين. فشتان ما بين الصورتين. فهل تم هذا الإنجاز العسكري على حساب البعد الديني والحضاري للبلد؟ كلا، فالحرب التي نخوض ليست ضد الإسلام و لا الإسلاميين و لا حتى القاعدة و إنما ضد جماعات مسلحة تتقمص ثوب القاعدة و تمارس باسمها السطو والإرهاب و التقتيل و تهريب المخدرات و المتاجرة بالبشر. أما في موريتانيا، فمع بحبوحة الديمقراطية والحريات التي يعيشها البلد، الكل يعرف أن الرئيس أعاد الهيبة والاحترام اللازمين للمؤسسة الدينية في البلاد: حارب الإرهاب بإذاعة القرآن الكريم، وطرد الصهيونية من البلد، وأطلق مشروعي مصحف شنقيط، وأكبر مسجد في تاريخ البلاد، ومجد العلماء و تم اكتتاب الأئمة، ، وإرسال بعثات الدعوة للدول الخارجية، وفتح الحوار الفكري مع التيار السلفي، واعتمد مقاربة الرحمة والإنسانية بإطلاق سراح السجناء السلفيين، و أعلن عن الانسجام مع الأهداف الكبرى للأمة الإسلامية مع التأكيد على التمسك بهويتنا و ثوابتنا كأمة مستمسكة بالعروة الوثقى، عروة الإسلام الوسطي الخالي من الغلو و التطرف، أمة أشعرية العقيدة، جنيدية الطريقة، مالكية المذهب ،لا يضرها من خالفها".
إنّ ولد حرمة كشخصية سياسية واكبت كل الأنظمة السابقة كان عليها أن تفهم الدرس مبكرا وتترك مساحة يتقبلها المواطن البسيط، ذلك أنّ ولد حرمة حامل لواء نصرة الناصر لأمر الله والحاكم بأمر الله محمد ولد عبد العزيز يستحيل ذهنيا أن يُشاهد ناقما وخارجا عن مسار الناصر لأمر الله محمد ولد عبد العزيز.