منذ أن أعلن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا لوائح مرشحيه للانتخابات المحلية والتشريعية المقبلة؛ والحزب يشهد نزيفا حادا في أهم قياداته وقواعده الشعبية على طول وعرض البلاد.
ولم يكتف الغاضبون مما وصفوه بالتهميش الممارس بحقهم بمجرد الانسحاب، بل باتوا أكبر متحدي الحزب من خلال ترشحهم عبر أحزاب معظمها في الأغلبية وبعضها في المعارضة المشاركة في العملية الانتخابية، وهو ما يرى فيه المراقبون تحديا حقيقيا لمستقبل أبرز الأحزاب الداعمة للرئيس محمد ولد عبد العزيز.
بيد أن مصادر خاصة تحدثت للسفير، رأت في الأمر لعبة سياسية يشرف عليها ويديرها رئيس الجمهورية بنفسه، مشيرة إلى أن اللوائح التي اقترحتها لجان الحزب وقدمتها للرئيس كانت واقعية ومتوازنة ومرضية لأغلب المكونات الرئيسية للحزب، نظرا لخبرة الهياكل القيادية لـ"حزب الدولة" في التعامل مع متطلبات التوازن، وخبرة التعاطي مع الخريطة الجيو ـ سياسية للبلاد، حيث عملت؛ في معظمها، بالحزب الجمهوري إبان فترة حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطائع؛ إن لم نقل في حزب الشعب، قبل ذلك.
وتشير تلك المصادر إلى أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز عمد إلى تعديل اللوائح المترشحة للنيابيات ثلاث مرات، وشطب أسماء سبق أن أبلغت بترشيحها، وهو ما يفسر قوة ردة الفعل الصادرة عن البعض، نظرا لتحميله الرئيس مسؤولية غياب اسمه من لائحة المرشحين.
ولد عبد العزيز؛ وبحسب المصادر، تصرف على أساس عدم رغبته في تنظيم الانتخابات المحلية والتشريعية، وأراد إقصاء شخصيات وازنة، يعول على ولائها في الانتخابات الرئاسية الأهم بالنسبة للرئيس، لاختبار مدى عمق الولاء، وما إذا كان يمكن التعويل عليه، أم أن طرقا أخرى يجب اعتمادها لضمان فوزه في الشوط الأول، كما حصل في انتخابات 2009، ثم إن الانسحابات والتذمرات التي تموج بها ساحة الحزب في كل شبر من الوطن، يمكن أن تكون أساسا لاتخاذ قرار جديد بتأجيل الانتخابات، صونا لماء وجه الرئيس الذي رفض تأجيلها لأكثر من ثلاثة أسابيع عن موعدها الأول في الـ 12 أكتوبر الماضي؛ كما صرح بذلك في برنامج "لقاء الشعب" الأخير بالنعمة، رغم غضه الطرف عن أسبوعين زادتهما اللجنة المستقلة للانتخابات، ربما لترك الانطباع باستقلاليتها عن السلطة التنفيذية.
وتمضي المصادر إلى القول إن الرئيس مستعد للتضحية بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية لتحقيق مكاسب أخرى، فضلا عن اختبار الولاء، من أبرزها تقوية الأحزاب التي أوعز لبعض الشباب بإنشائها من خلال إيواء متذمري "الأخ الأكبر"، وهو ما سيفضي؛ برأي ولد عبد العزيز، إلى تجديد الطبقة السياسية، الذي طالما دعا إليه.
وكانت السلطة الحاكمة قد أنشأت؛ منذ أغسطس الماضي، خلية لدراسة القرار المناسب بشأن الانتخابات المحلية والتشريعية، التي تأجلت لأكثر من سنتين؛ بحسب ما علمت السفير من مصدر داخل اللجنة.
وناقشت اللجنة مقترحين يشير أحدهما إلى تأجيل الانتخابات العامة إلى ما بعد الاستحقاق الرئاسي، بينما يقترح الثاني تنظيم الانتخابات البلدية قبل نهاية العام الجاري، وتأجيل النيابيات إلى ما بعد الرئاسيات، لكن اللجنة رأت أن تضع المقترحين جانبا وتعود لفكرة تنظيم الانتخابات المؤجلة، مراعاة منها لدور الشركاء الدوليين في الرعاية والتمويل والاعتراف بالشرعية.
السفير