بدو السؤال قديم قدم البشرية: هل يستطيع بنو آدم هزم الشيخوخة؟
الكثير من شركات الصيدلة التي تطور مراهم تحسين البشرة وعلاجها، تريد إقناعنا بذلك وهذا أمر بديهي. أما الجديد الآن فيتمثل في أنّ "غوغل" ترى أن الأمر ممكن بل وعلى الأرجح أن يتم قريبا. وأطلقت الشهر الماضي شركة طبية تحت اسم "كاليكو" متخصصة فقط في القضاء على الشيخوخة معتمدة على مقاربة ثورية وكذلك على مجمل الدراسات المتعلقة بإطالة العمر.
وبعد أن كانت مجرد محرك بحث على الانترنت، باتت غوغل الآن شركة تكنولوجية تشارك في صنع أجزاء السيارات وكذلك هاتفها الخاص بل وإرسال بالونات عملاقة إلى الفضاء. والآن ها هي تطلق كاليكو والاسم اختصار للكلمات الإنجليزية التي تعني شركة كاليفورنيا للحياة، للبحث فقط في الشيخوخة وأمراضها مثل السرطان وأل زهايمر وأمراض القلب.
وقال مدير غوغل التنفيذي، وبالمناسبة هو شاب على الدوام، لاري بيج إنّ الأمراض والشيخوخة تؤثر في عائلاتنا وأخذا بعين الاعتبار البيوتكنولوجيا أعتقد أنه بإمكاننا على المدى الطويل أن نحسّن من حياة الملايين."
لكن السؤال هو ما الذي تفعله الآن كاليكو بالضبط. وحاولت CNN مرارا وتكرارا الحصول على معلومات وإجراء حوارات مع مسؤولي غوغل حول هذا الموضوع، ولكن كانت تتلقى دائما اعتذارات لطيفة.
وفي غياب أي معلومات حقيقية دقيقة، يرجح الملاحظون أنّ كاليكو ستعمل على التوصل إلى "بنك عملاق من المعلومات" تتعلق بالصحة من خلال سجلات المرضى بما يوفر حلولا علاجية للأمراض المستعصية. والمقاربة على الأرجح هي أن الأسلوب الأكثر فعالية لمقاومة الشيخوخة هو التركيز على الوقاية من الأمراض. لكن عمليا ما الذي يمكن فعله؟
علميا يطلق على هذا الأسلوب "كريونيكس" وهو عملية شبيهة بالتجميد حيث يتم إدخال الجسد وفي بعض الأحيان الرأس فقط، داخل ما يشبه البرميل المليء بسائل النتروجين للحافظ عليه مثلما هو. والفكرة الأساسية هو الاحتفاظ بالجثة مثلما هي على أمل إعادة الحياة لها في المستقبل. وهناك ثلاثة من كبار العلماء في جامعة أوكسفورد "اشتروا" بوليصات للاحتفاظ بجثثهم بعد وفاتهم. وتتراوح البوليصة بين 28 ألفا و200 ألف دولار.
ويعتقد علماء أنّ تقنية النانو ستسمح لتقنية التجميد بأن تصبح جزءا من حياتنا اليومية لاحقا. والهدف هو "تعليق عملية الوفاة" بأسرع ما يمكن مباشرة إثر إعلان الوفاة قانونا، بما يمنح الفرصة للأطباء لاحقا لتغيير الخلايا المتضررة أو حتى أعضاء كاملة باستخدام العلم والتكنولوجيا والحواسيب والنانو.
وسبق لمنتخب فرنسا لكرة القدم أن أخضع لاعبيه المصابين أثناء نهائيات أمم أوروبا السابقة، وكذلك منتخب ويلز للرغبي، لنفس الأسلوب، وذلك بوضع اللاعب في ما يشبه البرميل بدرجة برودة تبلغ 160 درجة تحت الصفر لفترات خاطفة، لحمل الجروح والإصابات على التعافي.
في عام 2012 نجح فريق طبي من جامعة نوتنغهام من ضمنهم الدكتور عزيز أبوبكر في اكتشاف أنواع من الديدان تنقسم على الأرجح إلى ما لا نهاية وللأبد وأنها تعالج نفسها بنفسها. ويقول عزيز أبوبكر إنه وعلى ما يبدو فإنّ ميزة هذه الديدان أنّ خلاياها لا تشيخ.
ويضاف إلى ذلك الإنجاز الذي تحصل به ثلاثة علماء على جائزة نوبل والمتمثل في حماية الكروموزوم من الضرر ويعتقد علماء أنّ جمع الأسلوبين بإمكانه أن يوفر أسلوبا يمكنه هزم الشيخوخة.
ويضاف إلى ذلك جميعا أن الكثير من الوفيات تحصل بسبب عجز عضو ما من الجسد فإذا أصبح من الممكن إنتاج عضوك الخاص بك وتغيير العضو الميت، فكيف سيكون الأمر؟
وفعلا فقد نجح العلماء في زرع كلية تم تصنيعها في مختبر في جسد فأر، وهو ما يفتح الأمل في حلّ معضلة النقص في المتبرعين بالأعضاء على مستوى العالم. وقد بدأ علماء في استخدام تقنية الأبعاد الثلاثة لصنع أعضاء بشرية وتبدو نتائجها المبدئية مبشرة.
يعتقد الكثير من العلماء أنّ التمديد في أمل الحياة عبر تغيير الأعضاء البشرية يتطلب أيضا تركيزا أكثر من مجرد تغيير تلك الأعضاء. ويرى الكاتب الأمريكي ري كورزويل في كتاب "الفردانية" إنه في أفق 2020 ستكون تقنية النانو قادرة على علاج الأمراض.
ويعتقد أن إدخال أجهزة حاسوب تكاد لا ترى عبر تقنية النانو يمكن أن تصلح حالة الحمض النووي الذي يعدّ السبب الرئيس وراء الشيخوخة. وفعلا فإنّ النانو بدأ يستخدم في علاج أنواع من السرطان. فهل تنجح غوغل في إيجاد حل للشيخوخة والموت... الزمن وحده كفيل بالرد.