في مقابلة أجرتها وكالة كيفه للأنباء مع الخبير الدولي والقيادي في حزب عادل وأحد أبناء مدينة كيفه السيد سيدنا ولد أنداه ولد محمد صالح ، تعرضنا مع ضيفنا إلى جوانب عديدة منها موقع حزب عادل في الساحة السياسية الوطنية و قراءته لمآلات الوضع السياسي في البلد بشكل عام ، كما تحدثنا معه حول القبيلة وتقييمه لأداء منتخبي كيفه بالإضافة إلى موضوعات أخري ,
و نلفت انتباه متصفحينا الكرام مع الاعتذار أن المقابلة أجريت قبل أسبوعين تقريبا تأجل نشرها نظرا لما كانت لتعذر معالجتها بسبب الانقطاع الكهربائي الذي شهدته المدينة في الاسبوعين الماضيين و هذا نصها :
وكالة كيفه للأنباء : بوصفكم شخصية قيادية في حزب عادل ، أين هو حزبكم الآن في الخريطة السياسية ؟
سيدنا ولد انداه ولد محمد صالح : إن حزب عادل كما تعلمون حزب سياسي نشأ إبان حكم الرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله وكان آنذاك يضم أغلب القوى السياسية في البلد باعتباره حزبا حاكما .
وبعد انقلاب 2008 ،أعلن الحزب معارضته للانقلاب على الشرعية الدستورية التي تقوض أسس الدولة الديمقراطية التي كنا نطمح لتحقيقها ، على غير عادة الأحزاب السياسية الحاكمة والتي غالبا ما تتبدل آراؤها مع كل رئيس جديد.
وقد شكلنا مع بعض الأحزاب آنذاك ما يعرف بجبهة الدفاع عن الديمقراطية ، التي ظلت تناهض الانقلاب وتدعو للعودة إلى الشرعية ، إلى أن تحقق ما يعرف باتفاق داكار والذي أفضى إلى نوع من التسوية للإشكالية الدستورية المطروحة ، وتم إجراء انتخابات رئاسية توافقية ، مما جعل الحزب يعترف بالنتائج ، كونه يعتمد مبدأ الحوار والوسطية .
ولكن هذا الاعتراف بالنتائج وبفوز المرشح محمد بن عبد العزيز لم يجرنا للارتماء في أحضان السلطة،بل ظل حزبا معارضا منضويا تحت منسقية المعارضة ، إلى أن حدثت ظروف سياسية جعلت الحزب يدخل في حوار مع السلطة لأن المبدأ الذي يقوم عليه حزبنا هو أن الحوار هو مفتاح الحلول، وتم هذا الحوار على أساس مسودة مطالب بإصلاحات ستقوم بها الحكومة ( إصلاحات سياسية ، اجتماعية ، اقتصادية .......إلخ ) ووقعنا مع الأغلبية اتفاقا يقضي بانضمام حزبنا إليها على أساس المسودة المذكورة ، وبعد مدة زمنية تبين لنا أن تلك الإصلاحات لم تتحقق ، ولم نشهد انفراجا للأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد ، ولم ترق الإصلاحات الهيكلية الكبرى إلى المستوى المطلوب والمنتظر ، مما جعلنا نراجع موقفنا من التمسك بالأغلبية ، ، فقررنا الانسحاب من الأغلبية الرئاسية مع مطلع 2013، لأنها لم تستطع الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في بنود الاتفاق المبرم، فنحن لا نريد أن نكون طرفا يشرع به النظام ممارساته غير الديمقراطية.وقد شاركنا الرؤية كل من حزب التجديد بقيادة المصطفى ولد اعبيد الرحمن ، وحزب الحركة من أجل التأسيس برئاسة كن حاميدو بابا . ولكننا بعد انسحابنا لم نلتحق بالمعارضة ، التي ترفع شعار الرحيل ، فنحن لا زلنا مقتنعين بأن السبيل الوحيد لانفراج الوضع السياسي في البلد يتم عن طريق الحوار وبالحوار فقط ، فحدث تقارب مع أحزاب المعاهدة ، وقمنا بتثمين ودعم مبادرة مسعود ولد بلخير ، كونها تشكل مطلبا ضروريا لحزبنا ، ونتقاسم معها الطرح والرؤية ، لأن الانتخابات تتطلب مشاركة الجميع ، لتحقيق المزيد من المصداقية.
وكالة كيفه للأنباء : ما هي مآلات الوضع السياسي في ظل الظروف الراهنة ، وفي ضوء الحديث عن حوار قريب بين المعارضة والنظام ؟
سيدنا ولد انداه ولد محمد صالح : أعتقد بأن إجراء الانتخابات مسألة ضرورية لأن كل الهيئات المنتخبة اليوم منتهية الصلاحية وبالتالي فإن التمادي في سن القوانين وإبرام المعاهدات بهذه الهيئات أصبح أمرا غير مقبول خاصة وأن الانتخابات الرئاسية على الأبواب ، ولكن السؤال المطروح الآن هو كيف ستنظم هذه الانتخابات ومن وجهة نظري فإن ذلك يوجب على الجميع الحرص على أن تنظم بشفافية ومصداقية ، وأن تتخذ الإجراءات الضرورية لتحقيق ذلك ، كمراجعة وتدقيق اللائحة الانتخابية ، والسجل السكاني ، وأن يشارك الجميع في التحضير والإعداد للمسلسل الانتخابي ، حتى تكون النتائج المترتبة عليه مقبولة وذات مصداقية .
هذا إن حدث فهو فرصة ثمينة للتغيير يجب أن لاتمر على الشعب الموريتاني ، وإذا لم تتبع تلك الإجراءات ستظل ناقصة ، بالتالي نعود بالبلاد لدوامة أزمة سياسية ، وتكون النتائج مجرد ترقيع للجانب الدستوري من المشهد، ويبقى الاحتقان قائما.
فأزمة الهيئات المنتخبة الآن تشبه إلى حد بعيد الأزمة التي تلت انقلاب 2008 ، وتم تجاوز جانبها الدستوري باتفاق داكار وتنظيم انتخابات رئاسية 2009 ، بينما بقيت الأزمة السياسية تراوح مكانها. ومن واجب الأحزاب السياسية اليوم سواء كانت أغلبية أو معارضة أن تعي هذا الوضع وتلتئم على طاولة حوار جدي وبناء يفضي إلى توافق سياسي ، يشارك فيه الجميع ، وأعتبر أن ما صرح به رئيس الجمهورية أخيرا في مدينة النعمة من إنشاء مرصد للانتخابات ، وإنشاء لجنة برلمانية للتحقيق في السجل الانتخابي ، وتوسيع للجنة الانتخابات بادرة جيدة ويجب أن نأخذه على محمل الجد ، وكمراقب للوضع السياسي أرى أن المعارضة الديمقراطية قد تعاطت معه إيجابيا ، واعتبرته نوعا من التنازل ، فغيرت من خطابها بالرحيل ، وذلك ما يؤشر إلى أنها قد تمضي قدما في الحوار الممهد للمشاركة في الانتخابات ، وهو ما يأمل حزبنا أن يتحقق.
وكالة كيفه للأنباء : هل لحزب عادل مكتب على مستوى ولاية لعصابه أو قاعدة انتخابية أو هيئات ..؟
سيدنا ولد انداه ولد محمد صالح : لقد تأسس حزبنا في هذه الولاية على قاعدة شعبية عريضة وظل إلى وقت قريب يتمتع بوزن معتبر، لكن في ظل التطورات الأخيرة التي حصلت في الحزب ،والتي قادته للانسحاب من الأغلبية فضل بعض الأطر المهمة بالحزبالبقاء داخل الأغلبية ، مما أثر على تواجد الحزب بالولاية ، لكن مع ذلك كله فلا يزال الحزب يمتلك قاعدة شعبية معتبرة ، وإذا تقرر إجراء الانتخابات بصفة تشاركية ،فإن حزبنا سيقدم لوائح انتخابية بهذه الولاية ، وسنقوم بها إما منفردين ، أو بالتحالف مع بعض أحزاب المعارضة.
وكالة كيفه للأنباء : عاشت الولاية في الآونة الأخيرة على وقع مهرجانات قبلية خرجت عن المألوف وبمباركة الإدارة وحماية قوات الأمن ، ما موقف حزبكم من توظيف القبيلة في المجال السياسي ؟
سيدنا ولد انداه ولد محمد صالح : إن الهدف الذي نسعي إليه جميعا هو أن نؤسس لدولة وطنية تؤمن بالقيم الديمقراطية لكن المسير طويل من اجل تحقيق ذلك لأننا لا نزال نعيش تحت تأثير أنظمة متلاحقة كرست مفهوم القبيلة وعملت علي إحيائها لأغراض انتخابية ورغم ذلك كله فقد حدث تطور إيجابي في عقلية المواطن وهناك من الفاعلين السياسيين الأطر من لا يوظف القبيلة في العمل السياسي وإنما يعتبر انتماءه إليها مجرد انتماء تقليدي .
والقبيلة كيان اجتماعي يفرض نفسه ولا يمكن التغاضي عنه بأي حال من الأحوال وحسب ما اعتقد فإن توظيفها كفاعل سياسي قد تراجع إلي حد كبير ويجب أن نعمل جميعا إلي تقليص ذلك الدور. لكن الواقعية تقتضي الاعتراف بما تلعبه في المسار الانتخابي وذلك نظرا لغياب الدولة خاصة في الأرياف مما جعل القبيلة توطد من نفوذها وتقوم مقام الدولة في كثير من الأحيان فالخدمات الاجتماعية والصحية والتنموية قلما تصل المواطن في هذه المناطق إلا عن طريق الوجهاء القبليين وهو ما شكل درعا واقيا لأن تظل القبيلة هي المسيطرة .
وكالة كيفه للأنباء : كيف تقيمون أداء منتخببي ولاية لعصابة سواء كانوا محليين أو برلمانيين ؟
سيدنا ولد انداه ولد محمد صالح : إن موقعي كفاعل سياسي شاركت معهم في العملية الانتخابية ، كمستقلين حينئذ قد ساهمنا بشكل كبير في حصولهم على تلك المناصب سنة 2006 ، ونظرا لعلاقة الصداقة التي تربطني بهم ، كل ذلك يجعلني لا أستطيع أن أقيمهم تقييما موضوعيا ، ولكن مسالة تقييم الأداء يجب أن يقوم بها المستفيد أي المواطن ، وعليكم أن تفتحوا نافذة في موقعكم يستطيع المواطن من خلالها التعبير عن مشاعره وآرائه، وذلك ما يشكل حكما موضوعيا على عمل تلك الهيئات المنتخبة.
كما أن عليكم تنوير الرأي العام حول حقوقه وواجباته حتى يتسنى للجميع القيام بالدور المنوط به على أحسن وجه . ومن وجهة نظري فإن الشعب في هذه الولاية مدين للقائمين على الشأن العام سواء كانوا منتخبين أو إداريين بمزيد من تحقيق طموحاتهم ، والعمل على تطوير حياة المواطنين وتوفير الخدمات الضرورية لينعموا بحياة كريمة بهذه الولاية.
وكالة كيفه للأنباء : ما تقييمكم لمستوى الخدمات بمدينة كيفه ؟ وما شعوركم اتجاه الوضعية الكارثية التي تعيشها المدينة ( قمامة ، أوساخ ، غلاء ....) ؟
سيدنا ولد انداه ولد محمد صالح : أعتقد أن السكان كما ذكرت يستحقون الكثير من الإنجازات ، وينبغي على كل من يتولى أمرا عاما أن يقوم بالدور المنوط به على أكمل وجه ، وتقديم ما لديه من أجل الوطن والمواطن ، وألاحظ للأسف أن بعض الفاعلين السياسيين لا يزال يولي اهتماما أكثر للمصالح الضيقة على حساب المصلحة العامة.
وكلما تعمقت القيم الديمقراطية وتجذرت في عقلية المواطن أدرك ماله وما عليه ، و فعل مفهوم المساءلة والمحاسبة ، وسيدرك المنتخب حينها إن لهذا الشعب حقوقا ودينا يجب أن يقضى . وما يلاحظ من تهاون أو تقصير مرده عدم الوعي بأن المواطن هو صانع الانتصار ، وصانع التغيير أيضا متى وكيف ما شاء ، فلا يزال المنتخب يدين للفاعل السياسي والقبيلة.
وكالة كيفه للأنباء : بم تنصحون مواطني ولاية لعصابة ، منتخبين ، مواطنين ، مثقفين .....؟
سيدنا ولد انداه ولد محمد صالح: تعتبر ولاية لعصابه من الولايات المركزية الهامة ، وهذه الأهمية هي ما ينبغي على كل مواطن فيها أن يدركها ، فيعمل على أن يقدم كل ما لديه من أجل تحقيق التطور المنشود ، كما أن على المنتخبين المحليين تغيير منهجية التعاطي مع المسائل التنموية وتوجيهها لخدمة الشعب ، وأن يردوا الجميل لهذا الشعب الذي انتخبهم على أساس تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية......وأن يقوموا بما كلفهم به الشعب فيعطي كل من قدرته وخبرته، كما أن للمثقفين دورا هاما في توعية المواطن بحقوقه ، وأن يدرك أنه صاحب الكلمة الفصل في الديمقراطية.
أجرى الحوار الشيخ ولد احمد/ الداه ولد شيخنا
في 5اكتوبر 2013