مرة أخرى يفاجئنا حزب تواصل بقرار منفرد، ومرة أخرى يكون من اللازم أن يتم التعليق على ذلك القرار المنفرد.
وفي اعتقادي الشخصي فإن خطورة هذا القرار المنفرد تكمن في عدة أمور لعل من أبرزها:
1 ـ ماذا لو قررت السلطة الحاكمة تأجيل هذه الانتخابات عن موعدها الحالي؟ أو ليس ذلك الاحتمال قائما؟ ألن يجد تواصل حينها أنه قد وقع في حرج شديد بخروجه عن إجماع المنسقية وإعلانه المشاركة في انتخابات قد يتم تأجيلها في أي لحظة من طرف السلطة الحاكمة.
وحتى ولو تم تنظيم هذه الانتخابات في موعدها، ألن يظل احتمال إلغاء نتائجها واردا، وذلك لأنها نظمت في أجواء غير توافقية؟
2 ـ ماذا لو حقق تواصل نتائج هزيلة في هذه الانتخابات؟ أو ليس ذلك الاحتمال قائما، خاصة أن كل الدلائل تشير إلى أن الانتخابات القادمة لن تكون انتخابات نزيهة، ويكفي أن نتذكر بأن أولئك الذين شاركوا في تأسيس اللجنة المستقلة التي ستشرف على هذه الانتخابات قد أعلنوا في بيانات حادة بأن ثقتهم في تلك اللجنة قد اهتزت كثيرا.
3 ـ ألا يشكل خروج تواصل منفردا عن إجماع المعارضة ضربة قوية للشعار الذي يصر تواصل على أن ينفرد به عن بقية الأحزاب، ألا وهو شعار : "إضفاء بعد أخلاقي على العمل السياسي" .
فعن أي بعد أخلاقي يمكن أن نتحدث بعد سلسلة من القرارات الإنفرادية التي اتخذها هذا الحزب، والتي خرج بها عن إجماع الكتل التي كان ينسق معها، ومن بين تلك القرارات الانفرادية، يمكن أن نذكر: خروج الحزب بمرشح خاص به في الرئاسيات الماضية، وذلك بعد أن أجمعت الجبهة على مرشح واحد في تلك الانتخابات، وكذلك مشاركة الحزب في تحالفات مع الحزب الحاكم خلال تجديد ثلث الشيوخ والذي تم إلغاؤه فيما بعد، وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي يتحالف فيها حزب معارض مع حزب حاكم. هذا بالإضافة إلى القرار الاخير والمتمثل في انفراد الحزب بقرار المشاركة في انتخابات نوفمبر القادمة، والتي سيظل احتمال تأجيلها قائما مما سيزيد الأمر تعقيدا بالنسبة لهذا الحزب.
4 ـ إن كثرة الخروج بقرارات منفردة في اللحظات الحاسمة قد يؤثر سلبا على سمعة تواصل كحليف سياسي استراتيجي، لأن مثل هذه القرارات المنفردة ستجعل شركاءه يتوجسون منه خيفة عند أي تحالف معه في المستقبل.
5 ـ إن هذا القرار المنفرد سيسيء إلى سمعة تواصل، ولا شك في أن خصوم تواصل وهم كثر سيستغلون ذلك على أوسع نطاق.
6 ـ يبرر تواصل هذا القرار المنفرد بخوفه من نزوح بعض قواعده الشعبية إلى الأحزاب المشاركة في انتخابات نوفمبر القادمة. ولقد تجاهل هذا الحزب بأن هذا القرار المنفرد قد يؤدي هو أيضا إلى هجرة بعض منتسبي الحزب إلى الأحزاب المقاطعة، وحتى في حالة عدم تأثير هذا القرار على جماهير الحزب بشكل مباشر، فإن مما لاشك فيه هو أن هذا القرار الانفرادي سيؤثر مستقبلا على سمعة الحزب، وعلى قدرته على استقطاب الجماهير، خاصة الشبابية منها.
7 ـ بهذا القرار المنفرد يكون تواصل قد أطلق رصاصة صديقة، وذلك بعد أن ظل ولأسابيع يضع أصبعه على الزناد وهو ما كنت قد نبهت إليه في مقال سابق تحت عنوان : تواصل يضع اصبعه على الزناد، ويمكن مطالعة ذلك المقال على الرابط التالي: