صادق مجلس الوزراء على مشروعي القانونين التاليين : -)مشروع قانون نظامي يعدل بعض أحكام الأمر القانوني رقم 91-028 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر 1991، المعدل، المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية.
مشروع قانون نظامي يعدل بعض أحكام الأمر القانوني رقم 91-029 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر 1991، المعدل، المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ.
يهدف هذان المشروعان إلى تغيير المسطرة التشريعية الحالية من أجل الأخذ بعين الاعتبار لتمثيل مقاطعة الشامي الجديدة في كل من غرفتي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ. )
الشامي هي المقاطعة المستحدثة مؤخرا علي الطريق بين انواكشوط وانواذيبو ضمن سياسة يري ولد عبد العزيز أنها من أجل القضاء علي التقري العشوائي ، وتمكين التجمعات الصغيرة من التجمع في مواقع تتوفر بها الخدمات الأساسية من تعليم وصحة ومياه وكهرباء وغيرها ... ويري المراقبون أنها جريمة اقتصادية يرتكبها النظام من خلال تبذير ثروة الشعب الموريتاني ، وتشتيت جهود الدولة الضعيفة أصلا في وقت توجد فيه مدن قديمة متهالكة وتعاني من نقصد شديد في أبسط مستلزمات الحياة في مجالات الصحة والتعليم والمياه و..و .
مجلس الوزراء يقررإذا تمكين هذه المقاطعة (تحت التأسيس) من الحصول علي عمدة للمقاطعة وشيخ ونائب في البرلمان وهذا القرار يفتح نقاشا جديدا حول أهداف هذه الخطوة و طبيعتها وانعكاساتها الموضوعية :
لابد أولا من التوقف عند مسألة استدعاء البرلمان المنتهية صلاحيته لدورة عادية في نوفمبر وهو موعد قريب من الموعد المعلن عنه للإنتخابات لأن ذلك تستوجبه مصادقة الحكومة علي مشاريع القوانين وإحالتها إلي البرلمان لتكون نافذة ، ولعل في الأمر شبهة أخري تتعلق بالتحايل علي قرار تأجيل الإنتخابات لفتح الباب أمام مشاركة أحزاب من منسقية المعارضة وتوسيع لجنة الإنتخابات لتشمل ممثلين عن تلك الأحزاب أو عن المنسقية كلها إذا نجح الحوار المقترح بين الطرفين ( الحكومة والمنسقية) .
أما القرار الخاص بمنح مقاطعة الشامي مقاعد انتخابية إلي جانب بقية مقاطعات الوطن فسوف نقرؤه من زاويتين: - الأولي سبق أن أشرنا إليها وتتعلق بفساد الفكرة وعدم واقعيتها من حيث أننا نعرف إمكانيات الدولة وقدرتها علي توفير مستلزمات الحياة المدنية للسكان في أي مكان والأمثلة كثيرة علي ذلك :
نكبت مقاطعة الطينطان التي تضم ساكنة كبيرة واقتصادا كان مزدهرا وأتت السيول علي سوق المدينة وتحطمت المساكن وخرج السكان في ظروف صعبة إلي العراء وسكنوا في الخيام التي قدمتها لهم هيئات الإغاثة العربية والإسلامية والدولية وحصلت المقاطعة إثر ذلك علي تمويلات كبيرة من بعض الدول (السعودية 20 مليون دولار) وقطر وغيرها . فهل تمكنت الدولة من ترحيل السكان إلي موقع آمن من السيول؟ وهل وظفت الأموال الكثيرة في إعادة إعمار الطينطان ؟ أم أن كل شيء عاد إلي أصله ؟ وجهود السكان الضعيفة هي في النهاية التي جعلتهم يعودون إلي أوكارهم القيمة وقد ملوا الإنتظار في ساحات بلا مأوي ؟ ....أهل الطينطان يعرفون الإجابة.
تعرضت مدينة روصو(عاصمة ولاية اترارزة وأقدم مدن البلاد الحديثة) لسنوات لسيول كبيرة أوقفت الحياة في وسط المدينة وغمرت المنازل وأرغمت السكان علي مغادرتها وتدخلت الدولة وأعدت الخطط وأنجزت الدراسات وحصلت علي التمويلات واستقطعت أراضي واسعة وعلي مسافة قريبة (7كلمترات) ووزعت القطع الأرضية وأنتظر أهل روصو من يعينهم علي البناء أو يوفر لهم علي الأقل الماء والكهرباء رغم أن أسلاكا ممتدة طولا وعرضا قد ملأت الساحات ولكن دون كهرباء وقد وجد السكان أنفسهم مرغمين علي العودة كل سنة إلي منازلهم القديمة لأنه لاقدرة لهم علي تشيد مساكن جديدة ووعود الدولة في توفير مستلزمات العيش الكريم تبخرت .....
ثم ظهرت انبيكت لحواش وترمس والشامي ...فكانت بمثابة محاولة للفت الأنظار عن الواقع السيئ للمدن القديمة .
الثانية: تتعلق بحرص ولد عبد العزيز علي (إنشاء موريتانيا جديدة) كل شيء فيها يحمل بصمات محمد ولد عبد العزيز شوارعها وملتقيات طرقها وحتي مدنها وفي مقابل ذلك تترك هذه السياسة كل ما أنجز قبله يتلف ويختفي ليمحو بذلك آثار من سبقوه ويقيم لنفسه دولة قد تكون الشامي عاصمتها في ظل حديث متزايد عن إهمال متعمد لنواكشوط وتهديدات قادمة من البحر ومياه الأمطار وزحف الرمال و..
الشامي هي أيضا موضع يوصم بأنه قد يكون جزءا من الأراضي التراثية لقبيلة الرئيس وقد يرمز لبعض الأمجاد التي سيكشف عنها في وقت لاحق بعد أن تتوطد مكانتها وترتقي إلي مراتب المدن الرئيسية في البلاد وهي قريبة من العصماء إن لم تكن إمتدادا لها . هناك شيء يدبر لهذه المقاطعة الخالية من السكان والبعيدة من إهتمام المواطنين والمنعزلة عن طرق التواصل مع بقية الوطن ، فقد تصلح حاضرة علي طريق أنواكشوط انواذيبو ولكنها لايمكن أن تكون مركزا مهما بالمستوي الذي يخامر ذهن ولد عبد العزيز ، وبدأت تكشف عنه قرارات حكومته.
من أين سيجلب النظام منتخبين ومنتخبين ومن سيكون مرشحا لعمدة مقاطعة لم يرها ولم يعرف عنها سوي اسمها وهل سيكون نائبها بالتعين ومن أي منطقة سيكون ؟ أم أن هذه الخطوة مثل توزيع قطع أرضية في المقاطعة علي كل المقربين والمسؤولين الموالين أم أنها تهدف فقط إلي تشجيع الموالين للرئيس إلي ترك مدنهم والتوجه إلي هذه المقاطعة (تحت النشأة) مقابل مناصب انتخابية ؟ وهل أننا سنشهد تنافسا محموما في الأيام القادمة علي نقل المواطنين إلي الشامي وتسجيلهم علي اللوائح الإنتخابية هناك من أنواكشوط أو انواذيبو أو بوتلميت أو كنكوصة وكبن وباسكنو...