لم يستطع المتحكمون في المسار السياسي الديمقراطي الموريتاني -بطريقة أو بأخرى- والمتمكنون من زمام الديمقراطية فيه -أن ينأوا بها عن التزلف والرجعية والتدحرج والسير بها بين الكذب والنفاق، علما بأنه كان يمكن لموريتانيا أن تكون المرجع الخصيب للديمقراطية وملاذها الآمن وركنها المتين الذي تأوي إليه ولم لا؟! وللإسلام الشورى التي هي منبع الديمقراطية وأصلها ومرجعها الذي انسلخت عنه فإلى ماذا قَوْلبَ الحزب الحاكم الديمقراطية في بلادنا لصالحه وكيف مارسها وجعل من لعبتها لعبة؟.
تظاهر الحزب الحاكم في بدايات حكمه على غرار أقرانه الذين سبقوه بأنه جاء لحماية الديمقراطية وتطبيق روحها في كافة مناحي حياة الدولة الموريتانية اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا بعد أن غرست ثمرتها الأولى في عهد الرئيس سيدي ولد الشيخ عبدالله، إلا أنه سرعان ما خسر اللعبة لسوء ممارسته لها جاعلا بذلك حربة في خاصرة الديمقراطية الموريتانية فانسدت أمامه الطرق فاتبع سياسة النعامة واتخذ من القبيلة ملجأ لتسويق بضاعته فعلبها وسوقها للقبيلة فأضحت كعكة تباع بدراهم معدودة تشتري كل قبيلة منها نصيبا مقابل توظيف واحد أو إثنين أو ما شاء الله من أفراد قبيلتها على أن تضمن أصواتها في الإنتخابات لصالح الحزب الحاكم، فكثر في الأسابيع الماضية الهرج والمرج، وأصبحت البلاد في موسم حج لكل قبيلة منها ميقاتها الخاص بها فنكئت الجراح وبعثت النعرات وعادت القبيلة في ثوب جديد لم يسبق له مثيل وأريد لها أن تحل محل الدولة بعد أن كان دورها مقتصرا على الديات والتكافل الإجتماعي وتصنيف بني الإنسان... كما يقتصر دورها على أفرادها المنتمين إليها وعجزها عن تسوية مشاكل كافة أفراد المجتمع والذي تحال مهمته إلى الدولة.
فإلى أي حد يمكن للقبيلة أن تحل محل الدولة ومتى ستأخذ الديمقراطية في بلادنا والبلدان السائرة في طريق النمو مسارها الصحيح.؟! أرجو أن يكون الحل بتخلي الجيش عن السلطات لصالح المدنيين لا بتجييش الشعوب ضدهم كما حدث في مصر وتونس و ليبيا....