لم تعهد مدينة كيفه حراكا سياسيا كالذي تعيشه اليوم، صراع داخل الحزب الحاكم الذي يتغير اسمه بتغير اسم رئيس الدولة، هذا الحزب الذي لبى سريعا دعوة اللجنة المستقلة للانتخابات فأرسل بعثاته .وما ان وصلت بعثته المدينة حتي بات الحديث كل الحديث في البيوت والمكاتب عن المترشحين في ظل غياب تام لنشاطات احزاب المنسقية والمعاهدة وإن كانت الأخيرة تقف علي خط التماس تنتظرالمتذمرين او الغاضبين المنسحبين أملا في تبنيها لهم او تبنيهم لها ؟
هذا الحراك والجدال السياسي المحتدم والمخيمات والبيانات توهم المرء أن المدينة في موسم انتخابي اعتيادي تشارك فيه عدة أحزاب غير ان الامر اكثر تعقيدا من ذلك فهي قبائل عديدة في حزب واحد تقدمت كل منها بمرشح اواثنين بل ثلاثة .. فاختلطت الاوراق وانكشفت الاسرار واختلت التوازنات وازدادت حدة الصراع فأصبحت ديمقراطيتنا مجالا لإذكاء نعرات قبلية واحياء صراعات من زمن "السيبة" لأفهم جازما أن "السيبة" المفتوحة في الترشحات والطرقات والأسواق والمخططات التنموية للبلد هي فقرات من برنامج الحزب الحاكم.
والديمقراطية الحقة إن لم ترفض القبلية وتساوي بين افراد الشعب وتستمع للرأي الآخرعمل عبثي يؤسس للظلم والغبن مع إيماننا بالحكمة في قول الشاعر : في الجماهير تكمن المعجزات ومن الظلم تولد الحريات
فمن الحرية أن نصدح قائلين : إن المدينة بحاجة –أولا- إلى الماء والكهرباء والخبز والتعليم والصحة ومشاريع تنموية تمتص البطالة وتحد من الهجرة نحو إفريقيا، لا إلى نائب لايرى إلا في الصور أيام الحملات الانتخابية ؛ ولا إلى عمدة لا يظهر إلا حين يزور الرئيس المدينة. ومن الحرية أيضا أن يبرأ سكان المدينة من أي نخبة سياسية موالية لم تسع يوما لإيجاد تنمية حقيقية تساهم في تغيير وجه المدينة، وتخفف من وطأة الفقر المدقع الذي يعيشه أغلبهم .
ومن الحرية أن تتعدد الترشحات داخل الحزب الواحد وهو ما تم بالفعل ؛ فوصل عدد المترشحين للنيابيات ثمانية ، وللبلدية خمسة لتصبح البعثة في موقف حرج يجعل الاختيار صعبا، خصوصا أن المال السياسي والمرتبة الاجتماعية "التقليدية "والسلطة أمور تعتبر عناصر مشوشة علي حسن الاختيار ؛ فيغيب المؤهل العلمي والمهني للمترشح، ليدفع الساكن البسيط الثمن غاليا.
وفي ظل هذه الوضعية تغادر البعثة المدينة ....... ويحتدم الصراع ؟