هي اكليله بنت لقظف المولودة عام 1968 في بلدة "طفره" التابعة لبلدية هامد بمقاطعة كنكوصه في أسرة فقيرة مزارعة.
تعلمت اكليله في وقت مبكر صناعة الكسكس ( لبريم ) وفي 1989 أرغمها ضيق ذات اليد إلى الهجرة إلى مدينة كيفه فبدأت عاملة منزل ، تتلقى أجرا زهيدا رغم جودة عملها وقدراتها الفائقة في الطبخ .
وفي العام 1996 فضلت اكليله أن تعمل لنفسها وأن تستقل عن الآخرين ، فانضمت إلى صناع ( الرشاد ) وهو الإسم المعروف في كيفه لبائعات الكسكس .
وبعد فترة وجيزة من ممارسة اكليله لهذا النشاط أظهرت مهارات نادرة وتميزت عن الأخريات من زميلات المهنة بالإتقان والجودة مما أكسبها ثقة الزبناء وجلب إليها سكان مدينة كيفه الطالبين للأحسن .
تستيقظ اكليله في الصباح الباكر وتجلس وسط عريشها المتواضع ، وتجمع إليها صحونها وأوانيها وتبدأ في ( لبريم ) فتنتج نوعين من الكسكس هما : كسكس الغليظ ، و الرقيق ( باسي ) . وتقول صاحبتنا أن متوسط ما تنتجه من الكسكس هو 10 كغ من الكسكس الغليظ ، و03 كغ من باسي . وبعد صلاة الظهر تشعل اكليله النار تحت مرجليها لتنضج المنتج ، قبل أن تحمله في أوانيها ( اتباصيل ) إلى كرفور لعيون وسط مدينة كيفه.
ومن العجيب أن اكليله هي آخر من يصل من البائعات ، وأول من يعود إلى منزله ، بعد أن نفد منتجها ، والسبب أن الزبناء كانوا في انتظارها يقفون في تجمع كبير ، كل يريد حاجته، ولا أحد يشتري من غيرها قبل أن تخوى صحونها .
سيارات تأتي من كل جهات المدينة، أين اكليله ؟ نريد كسكس اكليله ، باسي اكليله ، آخرون يوصون ويهتفون حذار من غير كسكس اكليله .
وكالة كيفه زارت اكليله في منزلها وسألتها عن السر في هذا النجاح والشهرة فقالت إن السر في ذلك هو أن منتجها منقى من كل الشوائب وتعمل جاهدة أن تخرجه سائغا متقن النضج ، خال من رائحة الدخان ، يعود لطلبه كل من اشتراه .
تقول اكليله ليست لدي معجزات ولا خوارق ، وكل ما أعرفه أنني أولي اهتماما خاصا لمهنتي ولا أدخر أي جهد لأنال ثقة ورضا زبنائي .
وفي رد على سؤال لوكالة كيفه حول أكبر مشكل يعترضها في مهنتها هذه ، قالت إن الذي يحز في قلبها فقط هو اتهامات تهمس بها زميلاتها ، فبدل أن يستفدن من تجربتها وخبرتها ، يقولون إنها تستخدم ( لحجاب ) ، كما أنها عرضة دائما "للعينّ" ، وهي تسمع منهن ذلك مرارا وتكرارا ، ولكنها لا تعيرهن اهتماما فهي تتكل على الله ، ولا تقدم على أمر حتى تبدأ فيه باسم الله ، خوفا من شر عين البشر .
اكليله مطلقة وأم لفتاتين ، وقد استطاعت من مردودية عملها أن تبني بيتا من الإسمنت وعريشين ، في قطعة أرض تملكلها في نهاية حي أهل انتو من الجهة الغربية. تتميز اكليلة بتسامح غير مألوف مع زبنائها فيتساوى عندها من أخذ ما يحتاجه نقدا أودينا فهي لا ترد زبونا وهي لا تقدر ما ضاع لها من ديون ولكنها غير آسفة عليه ، فالمهم عندها هو أن توفر لزبنائها حوائجهم وتظل على حسن ظنهم وتقول أكليله أن شعورا عميقا ينتابها اتجاه ثقة الناس فيها مما جعلها تكابد من أجل المحافظة على تلك المكانة التي هي نعمة من نعم الخالق .
صوتت اكليله في جميع الانتخابات الماضية نزولا على رغبة جيران وأقرباء ، لكنها فقدت الثقة في كل المنتخبين المحليين على حد قولها ولم تجد أي نتيجة لتصويتها ولم تعد تؤمن بعد اليوم بشعارات الحملة و أقاويل السياسيين.