طالعت في العديد من المواقع الالكترونية الوطنية البيان المعلن لتأسيس حركة تنمية الشرق و لم أتفاجأ كثيرا بل كنت أتوقع هذا منذ زمن خصوصا بعد إطلالة السفير السابق و الرجل المجرب أحمد باب ولد أحمد مسكه و مطالبته من قصر المؤتمرات بتنمية الساحل و إشراكه في عائدات ما في باطن تراب تلك الجهة.
إن أصحاب حركة تنمية الشرق محقون في مطالبهم مثلهم كمثل كل موريتاني يطالب بحقه لاهم دونه و لا فوقه، و لا أري جهوية في ما يريدون تحقيقه بل هو تنبيه للحكومة و الفاعلين السياسيين إلي الواقع المر الذي يصبر عليه مواطنو الشرق الموريتاني منذو الاستقلال، رغم كونهم يشكلون نسبة معتبرة من سكان البلاد و خزانا انتخابيا هاما بدأ يستيقظ كما استيقظ التنين الصيني في بداية هذا القرن عندما أحس بضرورة لعبه لدور سياسي و اقتصادي يتماشي مع حجمه البشري.
و من الوارد القول إن الشرق الموريتاني فقد شخصيات وازنة، تغمدها الله برحمته، كانت تستطيع بأدائها و هيبتها توجيه بعض أتباعها إلي ما تراه صوابا، و قد بدأت هذه الظاهرة تتقلص شيئا فشيئا و بدأ الوعي يدب في عقول السكان و أصبحوا يعرفون المنطق و الحقوق و إجراء المقارنات و انتظار النتائج بعد نتائج صناديق الاقتراع، و يرجع الفضل في ذلك إلي مجموعة من الشباب الوطنيين الغيورين علي مصالح البلد و إلي الانفتاح و جو الحرية.
ومما يلفت الانتباه في مؤسسي حركة تنمية الشرق هو اختيارهم للوقت المناسب و كونهم شبابا موظفين (أي مستقلين ماديا)، من جميع الأسر و المستويات الاجتماعية و ذوي مستويات علمية عالية، تربوا في بيئات دأب أغلبها علي مسايرة الأنظمة إلا أنهم آثروا أن لا يسكتوا علي واقع يرونه خطرا يهدد مستقبل البلاد و العباد، و لئن كنت أحيي فيهم روح الوطنية و جراءة الطرح إلا أنني أرجو منهم عدم التسرع، و الاتصال بأكبر قدر من الفاعلين و الصحافة و أصحاب الرأي ليشرحوا أهدافم و سبل تحقيقها، و أرجوا أن يظلوا بعيدين عن التجاذبات السياسية و الصراعات غير المجدية، فما تحتاجه موريتاينيا هو الانجاز الملموس و ليس النقاشات العقيمة.
من جهة أخري أثمن عاليا الخطوات الجبارة التي قطعتها بلادنا في مجال حرية التعبير و أفتخر بها، لكنني أرجو أن لا تكون معادلة الحكومة : اطلبوا ما تشاؤون و نحن نفعل ما نشاء، بل ينبغي أن تكون : اطلبوا ما تحتاجون و نحن نفعل ما تطلبون، و لا أكتم أملي أن تتفهم كافة الأطراف السياسية عدالة الطرح و أن تتعامل معه بإيجابية أو تصمت، أما جهات الوطن الأخري فأرجو من القائمين علي الحركة طمأنتها بأن هذا العمل يهدف إلي تطوير و تنمية أغلبية السكان مما سينعكس إيجابا علي جميع أنحاء الوطن.
و في الأخير أرجو من كافة الخيرين مباركة هذا المسار و مواكبته و دعمه، و أتمني من أعضاء الحركة جعل هذا العمل خالصا لوجه الله، فمن أحيي إنسانا فكأنما أحيي الناس جميعا، فكيف بمن يساهم في إحياء وطن يزيد سكانه علي ثلاثة ملايين إنسان.