منذ أيام والمشهد السياسي يموج بالشائعات. ليست هذه المرة الأولى، فعلى الرغم من تكاثر المواقع والصحف والإذاعات والتلفزيونات فإن الشائعات تبقى فى الصدارة. الطبيعة تخشى الفراغ، وما دامت المعلومة المستندة على مصدر موثوق غير موجودة فإن ’يقال’ سوف تحتل مكانها. محللونا السياسيون-الذين ليسوا فى الحقيقة إلا مجموعة من البشمركة لا ندرى من أين أتوا- يقولون الشيء ونقيضة: الانتخابات فى سبتمبر القادم أو فى يوليو 2014، المعارضة ستقاطع كاملة أو سيشارك بعض أحزابها، ومزاج ولد عبد العزيز الذي لم يعد يعرف أين يضع رأسه، بين أغلبية يخشى أن تتفتت، ومعارضة محاورة تطلب دوما المزيد من الضمانات. ناهيك عمن يتجهون إلى التطرف أكثر فأكثر ولا يطالبون بأقل من الرحيل عن السلطة. فى هذا السياق الذي لا يهدأ فإن تنظيم انتخابات توافقية يعض محض خيال. ومن جهة ثانية من يريد هذه الانتخابات؟ فلا الرئيس الذي يتمتع ببرلمان هو رهن إشارته ولا الأغلبية التي لا تريد أن تقص الانتخابات جناحها، والمعارضة لن تشارك فى انتخابات ينظمها ولد عبد العزيز، حتى مسعود بمبادرته فإنه يخشى ألا يحصل على مكانة ملائمة لحزبه فى الانتخابات. إذن هل يمكن القول إنه لن تكون هناك انتخابات لا فى هذا العام ولا فى العام المقبل؟
ومع ذلك فإن المعارضة من مصلحتها أن تذهب إلى الانتخابات. على الأقل من أجل تفادى سيناريو 1992، الذي أدت بها سياسة المقعد الفارغ أن تركت نظام ولد الطايع ليفعل ما يحلو له. لكن البلد تغير، على الرغم من استمرار حكم العسكر فإن الديمقراطية قد تغلغت فى الممارسة. وتحققت إنجازات كثيرة خلال حوار 2011. حيث أن السلطة قدمت بعض التنازلات التى لم تكن فى صالحها والتي ربما لم تقس تماما ما يمكن أن توصل إليه. ثمانون نائبا سينتخبون بالطريقة النسبية، حظر الترشحات المستقلة، منع الترحال السياسي، قرارات سيكون لها أثرها الحاسم على الأحزاب الموجودة فى السلطة.
إذا قامت المعارضة بتعبئة أنصارها من أجل الاحصاء الانتخابي، ونزلت إلى الأرض وشحذت خطابها وناضلت من أجل شفافية الانتخابات، فإنها سوف تعقد الأمور على السلطة التي ستجد صعوبة فى اختيار من ترشحه، ولن يكون بمقدروها إرضاء كل الحساسيات المحلية. هذه هي اللعبة الحقيقية للانتخابات. فالمعارضة عليها أن تقتنع أن الأمر ليس مجرد ذر للرماد فى العيون وأن تجربة مهزلة 2009 لن تتكرر. فالمعارضة مسلوقة.. ومخاوفها هذه نقطة ضعفها الأساسية التي تستغلها السلطة دائما.
ترجمة الصحراء