لم يعد موقف مسعود من تأجيل الإنتخابات للمرة الثالثة سرا أو تخمينا بل أصبح موقفا معلنا عبر وسائل الاتصال المختلفة وآخرها مقابلته المنشورة على موقع "الرائد الإخباري" ولا غرابة في ذلك فلرئيس البرلمان المنتهية ولا يته الحق كامل الحق في اتخاذ موقف والتعبير عن رأي، لكن الغرابة تكمن في المسوغات والمبررات... فالرئيس مسعود يتحدث عن حتمية تأجيل الانتخابات إلي أن تكون هناك لجنة انتخابية، مستقلة ولأنه لا يعرف متي ستكون هنالك تلك اللجنة فلتؤجل الانتخابات إلي ما بعد اللجنة! وحتي بعد اللجنة فقد يطالب بتأجيلها إلي ما بعد تنصيب اللجنة وحصولها على لوازم العمل واعداد اللائحة الانتخابية وربما علقت الأمور على اكتمال الإحصاء الحالي الذي لن ينتهي قبل سنتين على اقل تقدير.. المهم أن مسعود من دعاة التأجيل وذلك أمر مفهوم لأنك عندما تترأس برلمانا بخمسة نواب ويواصل هذا البرلمان عمله بعد نهاية مأموريته الدستورية تتلاشي المحددات و يختلط الموضوعي بالذاتي وهذا مسلك "إنساني" و انحراف له مسوغاته لكنه غير منطقي وغير مبرر. أما كون الرئيس مسعود لا يعترف إلا بقطبية سياسية ثنائية بينه وبين راس النظام فذلك أمر مستغرب ويحتاج إلي إعادة تعريف لمعايير القطبية السياسية، فالأقطاب والفاعلون في نظام تعددي ديمقراطي كُثر وتلك سنة الديمقراطية... الثنائية لا تكون إلا في الأنظمة الاحادية وشبه الأحادية الإقصائية وعادتا ما يكون الطرف الثاني فيها مسيرا وتابعا ومفعولا به لا معه. فبالإضافة إلي قطبية المعارضة غير المحاورة التي تتوفر على نواب وسجلات نضالية وتشكيلات حزبية وتحظي بزخم جماهيري متصاعد وبمصداقية دولية هنالك قطبية الرأي العام التي لا ينكرها مكابر وهنالك قطبية الأغلبية الصامتة وهنالك قطبية المناضلين ضد الاسترقاق كبيرام ولد الداه ولد أعبيدي... وهناك قطبية الساموري ومحمد ولد بربص و الملتفين حولهما من مناضلي التحالف... هنالك قطبية "عادل" الذي هو أول من وقع اتفاقا لم يطبق مع النظام ... القطبيات في المجتمعات متعددة الأعراق الجانحة نحو التعددية الديمقراطية لا تنتهي ولا يمكن اختزالها أو اختصارها... فلو كانت القطبية "كتونكاد" بين إثنان لما كان كل هذا الحراك وكل هذا الزخم الجماهيري الذي يزعج على أكثر من صعيد ويخرج بعض السياسيين عن صوابهم ليدلوا بتصريحات جزافية تحسب عليهم لا لهم. أن المشهد السياسي يمكن اختصاره في وجود رأس نظام يرفض الشراكة السياسية ويحاول كسب الوقت ويمارس رياضة الهروب الخطابي الشعبوى إلي الأمام للحفاظ على السلطة والانفراد بها، وإلي جانب رأس النظام هناك مجموعات حزبية بعضها خبر الموالاة منذ لحظة ميلاد النظام القيصرية الأولي وبعضها ألتحق بعد ذلك وبعضها يحاول اللحاق وهناك مجموعات احزار كانت معارضة وسعت جاهدة وبصدق إلي حوار وتنازلت عن أشياء كثيرة ولكنها وبكل أسف لم تحقق أي شيء وما تتوهم أنها حققته لا يطبقه رأس النظام... وهنالك معارضة ديمقراطية في الصف الآخر رفضت أن تلدغ من نفس جحر دعاوي الحوار مرتين ووضعت شروطا وطلبت ضمانات وانتظرت بوادر حسن نية وانحازت للشعب وانحاز لها... وما يدرك بانحياز العشب لا يدرك بالانحياز للأنظمة التي لا تفي بوعودها ولا تحترم التزاماتها
يعقوب ولد المختار السالم